قراءة لمدة 1 دقيقة أعاني مشكلة عظيمة في الشكّ، يغالبني الشّيطان، أغلبه يوماً، ويغلبني أياماً. وقد بلغ هذا الشك فيّ مبلغ

أعاني مشكلة عظيمة في الشكّ، يغالبني الشّيطان، أغلبه يوماً، ويغلبني أياماً. وقد بلغ هذا الشك فيّ مبلغ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت بحمد الله موقن غير شاك، وإنما يعرض لك وساوس لا تؤثر في صحة إيمانك ما دمت كارها لها ونافرا منها، وكراهتك لهذه الوساوس علامة بإذن الله على صحة إيمانك وخلوصه؛
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتكى إليه بعض الصحابة من هذه الوساوس:
ذاك صريح الإيمان .
فعليك أن تلازم الذكر والعبادة، وتجاهد نفسك في الإعراض عن هذه الوساوس حتى تندفع عنك بإذن الله، وأنت لو أدركك الموت والحال هذه، فأنت من أهل اليقين إن شاء الله.
وهذا كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- نسوقه لك، لعل الله أن ينفعك به فيزول عنك ما تجد، وتقوى على مدافعته ومجاهدته.
يقول الشيخ رحمه الله:
ومن الوساوس ما يكون من خواطر الكفر والنفاق، فيتألم لها قَلْبُ الْمُؤْمِنِ تَأَلُّمًا شَدِيدًا، كَمَا قَالَ الصَّحَابَةُ:
«يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا لَأَنْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ:
أَوَجَدْتُمُوهُ؟
، قَالُوا:
نَعَمْ، قَالَ:
ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» .
وَفِي لَفْظٍ:
«إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا يَتَعَاظَمُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ» .
قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ:
فَكَرَاهَةُ ذَلِكَ وَبُغْضُهُ، وَفِرَارُ الْقَلْبِ مِنْهُ، هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَانَ غَايَةُ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الْوَسْوَسَةَ، فَإِنَّ شَيْطَانَ الْجِنِّ إذَا غَلَبَ وَسْوَسَ، وَشَيْطَانَ الْإِنْسِ إذَا غَلَبَ كَذَبَ، وَالْوَسْوَاسُ يَعْرِضُ لِكُلِّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثْبُتَ وَيَصْبِرَ، وَيُلَازِمَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ، وَلَا يَضْجَرُ، فَإِنَّهُ بِمُلَازَمَةِ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ عَنْهُ كَيْدُ الشَّيْطَانِ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء:
76] .
وَكُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ تَوَجُّهًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ جَاءَ مِنْ الْوَسْوَاسِ أُمُورٌ أُخْرَى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بِمَنْزِلَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، كُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ يَسِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرَادَ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ؛
وَلِهَذَا قِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ:
إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ:
لَا نُوَسْوَسُ، فَقَالَ:
صَدَقُوا، وَمَا يَصْنَعُ الشَّيْطَانُ بِالْبَيْتِ الْخَرَابِ.
وَتَفَاصِيلُ مَا يَعْرِضُ لِلسَّالِكِينَ طَوِيلٌ مَوْضِعُهُ .
انتهى.
وانظر الفتوى رقم:
وما فيها من إحالات.
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا