قراءة لمدة 1 دقيقة أمي وعمتي يتشوقان للحج، وليس لهما محرم، ولم ينزل اسمهما في القرعة، فقلت لهما حتى تصبرا: إن الله يكتب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في مثل هذا القول، فقد ذكر أهل العلم أن الله تعالى يأمر الملائكة ليلة القدر بكتابة ما يكون في ذلك العام، واستدلوا بقوله تعالى:
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ {الدخان:
3-4}، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، ثم قرأ:
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.
يعني:
ليلة القدر، ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل .
قال الحاكم:
صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الذهبي في التلخيص:
صحيح على شرط مسلم .
وقال الإمام القرطبي :
قال ابن عباس:
يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم.
..
.
قال ابن عباس:
ينسخ من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال:
يحج فلان ولا يحج فلان، وقال في هذه الآية:
وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى.
وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق .
انتهى.
وقال الماوردي في النكت والعيون:
في تأويل:
كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ـ أربعة أوجه:
أحدها:
الآجال والأرزاق والسعادة والشقاء من السنة إلى السنة، قاله ابن عباس .
الثاني:
كل ما يقضى من السنة إلى السنة، إلا الشقاوة والسعادة، فإنه في أم الكتاب لا يغير ولا يبدل، قاله ابن عمر.
الثالث:
كل ما يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت، قاله مجاهد.
الرابع:
بركات عمله من انطلاق الألسن بمدحه وامتلاء القلوب من هيبته، قاله بعض أصحاب الخواطر .
اهـ.
وقد أسند الإمام الطبري نحو هذا عن جماعة من التابعين، ثم قال:
وعنى بقوله:
فيها يفرق كل أمر حكيم ـ في هذه الليلة المباركة يقضى ويفصل كل أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى .
اهـ.
فالانسان لا ينال إلا ما كتب له، وجميع ما يصيب الإنسان من نعمة أو مصيبة فقد قدره الله تعالى، فقد قال الله تعالى:
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:
22]، وقال الله تعالى:
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن:
11].
وقال الله تعالى:
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا {التوبة:
51}.
والله أعلم.