قراءة لمدة 1 دقيقة أنا رجل كنت بارا بوالدي- رحمه ‏الله- وكانت لي عنده معزة خاصة ‏جدا، لدرجة أنه عندما دخل في ‏غيبوبة ال

أنا رجل كنت بارا بوالدي- رحمه ‏الله- وكانت لي عنده معزة خاصة ‏جدا، لدرجة أنه عندما دخل في ‏غيبوبة ال

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت تعني بقولك إنها تريد أن تكتب لك جزءا من أملاكها، أي على سبيل الوصية، تأخذه بعد مماتها، فهذه وصية لوارث, ولا يجوز لأمك أن تكتب لك شيئا من أملاكها تأخذه بعد مماتها؛
لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا؛
لحديث:
إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
وإذا أوصت لك، فإن وصيتها تتوقف على إجازة الورثة، فإن أجازوها بعد مماتها، أخذت ما أوصت به لك، وإن لم يجيزوها، لم تأخذ إلا نصيبك الشرعي من الميراث، ودخلت الوصية في التركة؛
وقد نص الفقهاء على عدم جواز الوصية للوارث، وأنها تحرم.
جاء في شرح منتهى الإرادات:
وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ أَوْ غَيْرُ زَوْجَةٍ، بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَجْنَبِيٍّ، وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ، نَصًّا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ ..
..
وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛
فَلِحَدِيثِ:
إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ( وَتَصِحُّ ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ ( وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:
لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا:
لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ.
رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ .
اهــ.
وإن كنت تعني بقولك تكتب لك..
.
، أي تهب لك هبة منجزة وليست وصية؛
فإن الأصل وجوب العدل بين الأولاد في الهبة، ولا يجوز للوالد أو الوالدة أن يفضل بين أولاده في الهبة بأن يعطي بعضا ويحرم بعضا؛
لحديث:
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
قال ابن قدامة في المغني:
وَالْأُمُّ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ كَالْأَبِ؛
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اتَّقُوا اللَّهِ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ.
وَلِأَنَّهَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، فَمُنِعَتْ التَّفْضِيلَ كَالْأَبِ؛
وَلِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِتَخْصِيصِ الْأَبِ بَعْضَ وَلَدِهِ مِنْ الْحَسَدِ وَالْعَدَاوَةِ، يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي تَخْصِيصِ الْأُمِّ بَعْضَ وَلَدِهَا، فَثَبَتَ لَهَا مِثْلُ حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ .
..
.
اهــ.
ومجرد برك بها ليس مسوغا شرعيا؛
لأن أجر البر على الله تعالى وليس عليها، ولكن عقوق إخوانك وأخواتك لها، وتقصيرهم في حقها يُحتمل أن يكون مسوغا لحرمانهم؛
فإن العقوق فسق.
وقال ابن قدامة في المغني:
فَصْلٌ:
فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ لِمَعْنًى يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ، مِثْلَ اخْتِصَاصِهِ بِحَاجَةٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ عَمَى، أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ، أَوْ اشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْفَضَائِلِ، أَوْ صَرَفَ عَطِيَّتَهُ عَنْ بَعْضِ وَلَدِهِ لِفِسْقِهِ ..
.
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ..
.
وَيَحْتَمِلُ ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْمَنْعَ مِنْ التَّفْضِيلِ أَوْ التَّخْصِيصِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ..
.
اهــ.
وتراجع الفتوى رقم:
ولا شك أن الأحوط والأبرأ لذمتها أن تعدل في عطيتها ولا تفضل بعضكم على بعض, وبرك بها وإحسانك إليها، أجره عند الله تعالى، فإياك أن تقصد ببرها الحصول على شيء من حطام الدنيا الفانية؛
فقد جاء في الحديث الصحيح:
فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ.
رواه أحمد.
وانظر الفتوى رقم:
عن حكم من قصد بالطاعة ثمرتها العاجلة في الدنيا .
والله تعالى أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا