قراءة لمدة 1 دقيقة أنا ـ والحمد لله ـ محافظة على صلاتي وأذكاري، ولكنني شعر أن الله لا يقبل مني شيئا وأن الصلاة ترمى في

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
بارك الله فيك وثبتك وأعانك على فعل الخير..
واعلمي أن فعلك للصالحات ثم خوفك من عدم قبولها يعد أمرا محمودا، لأنه من صفات المتقين، فقد روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها:
أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الآية الكريمة:
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون:
60} فقالت:
أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟
فقال:
لا، يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات .
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
والسر في خوف المؤمنين أن لا تقبل منهم عبادتهم، ليس هو خشيتهم أن لا يوفيهم الله أجورهم، فإن هذا خلاف وعد الله إياهم في مثل قوله تعالى:
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فيوفيهم أجورهم ـ بل إنه ليزيدهم عليها، كما قال:
ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ـ والله تعالى لا يخلف وعده، كما قال في كتابه، وإنما السر أن القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما أمر الله عز وجل، وهم لا يستطيعون الجزم بأنهم قاموا بها على مراد الله، بل يظنون أنهم قصروا في ذلك، ولهذا فهم يخافون أن لا تقبل منهم، فليتأمل المؤمن هذا عسى أن يزداد حرصا على إحسان العبادة والإتيان بها كما أمر الله .
اهـ.
وأما قولك:
وفي بعض الأحيان أحمد الله على أنني أحافظ على صلاتي ويكون عندي ثقة بإذن الله أن الله سيدخلني الجنة ولكنني أخاف أن أقع في قوله تعالى:
يمنون عليك أن أسلموا..
إلخ، فالجواب:
أنه إن كانت هذه الثقة ناتجة عن حسن الظن بالله تعالى، فهذا أمر محمود أيضا، وقد رغب النبي عليه الصلاة والسلام في حسن الظن بالله عز وجل، فقال:
قال الله تعالى:
أنا عند ظن عبدي بي .
متفق عليه.
وفي رواية:
فليظن بي ما شاء .
وفي رواية لأحمد :
أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله .
ومعنى حسن ظن العبد بربه:
هو كما قال الإمام النووي :
أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه .
اهـ.
وهذا يدعو العبد للاجتهاد في العمل الصالح، كما قال الحسن البصري :
إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل.
وأما إن كانت الثقة التي ذكرت ناتجة عن العجب بالنفس، وبالطاعات التي وفقك الله لها، فيجب الحذر من ذلك، لأنه محبط للعمل مهلك للإنسان، يقول الإمام الغزالي في الإحياء معددا آفات العجب:
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ والأعمال:
فإنه يستعظمها ويتبجح بها وَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ بِفِعْلِهَا وَيَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عليه بالتوفيق والتمكين منها، ثم إذا عجب بها عمي عن آفاتها، ومن لم يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعاً، فإن الأعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب قلما تنفع، وإنما يتفقد من يغلب عليه الإشفاق والخوف دون العجب ـ إلى أن قال:
فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ آفَاتِ الْعُجْبِ، فَلِذَلِكَ كَانَ من المهلكات، ومن أعظم آفاته أن يفتر فِي السَّعْيِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ فَازَ وَأَنَّهُ قد استغنى وهو الهلاك الصريح الذي لا شبهة فيه .
اهـ.
وراجعي بشأن علاج العجب الفتوى رقم:
.
وأما حرصك على إخفاء الأعمال الصالحة:
فهو أمر حسن ومطلوب شرعا، وهو أعون على الإخلاص بلا شك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل .
رواه الخطيب في تاريخه والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني .
ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها:
، ، ، ، .
والله أعلم.