قراءة لمدة 1 دقيقة إذا أحس الإنسان أن إيمانه بدأ يقل ما أول شيء يبادر إلى فعله ليقوي إيمانه؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضعف الإيمان مرض يعتري القلوب المؤمنة ، وهو من أخطر أمراضها ، لما ينشأ عنه من الوقوع في المعاصي ، والتهاون في الواجبات ، وقسوة القلب ، وضيق الصدر ، وتغير المزاج ، وعدم التأثر بقراءة القرآن ، والغفلة عن ذكر الله عز وجل ..
إلى غير ذلك.
ولا طريق للتخلص من هذا المرض إلا بالسعي في ما يقوي الإيمان ، ويكون ذلك بدفع الأسباب الموجبة لضعفه ، وهي:
1- البعد عن الأجواء الإيمانية ، من حضور مجالس الذكر ، والصلاة في جماعة ، ومجالسة الصالحين ، يقول الحسن البصري:
«إخواننا عندنا أغلى من أهلينا ، أهلونا يذكروننا الدنيا ، وإخواننا يذكروننا الآخرة».
2- فقدان القدوة الصالحة ، لذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وووري التراب قال الصحابة رضي الله عنهم:
«فأنكرنا قلوبنا» رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
3-الاختلاط بأهل الفسق والفجور من أعظم الأسباب التي تورث قسوة القلب.
4-الانشغال الشديد بأمور الدنيا ، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من هذه حاله ، وعده عبداً للدنيا ، فقال:
«تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ..
» رواه البخاري.
5-الانشغال بشؤون الأولاد والأهل عن طاعة الله عز وجل ، قال تعالى:
(إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم)[التغابن:
15] 6-طول الأمل قال تعالى:
(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)[الحجر:
3] وعن علي رضي الله عنه أنه قال:
أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.
7-الإفراط في المباحات من أكل ، وشرب ، ونوم ، وكلام ، وخلطة ، فكثرة الأكل تبلد الذهن ، وتثقل البدن عن طاعة الله ، وتغذي مجاري الشيطان في الإنسان ، حتى قيل:
من أكل كثيراً شرب كثيراً ، فنام كثيراً ، فخسر أجراً كثيراً.
والإفراط في الكلام يقسي القلب ، والإفراط في مخالطة الناس تحول بين المرء ومحاسبة نفسه والخلوة بها ، والنظر في تدبير أمرها ، وكثرة الضحك تقضي على مادة الحياة في القلب فيموت لذلك ، قال صلى الله عليه وسلم :
«لا تكثروا الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب» رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.
فهذه بعض أسباب ضعف الإيمان ، وبدفعها والعمل بضدها يقوى إيمان المسلم ، وعلى قدر اجتهاد المرء في الطاعة يقوى إيمانه ، وعلى قدر انغماسه في المعصية يضعف إيمانه ، إذ الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وقد ذكر ابن القيم أن افضل علاج لمثل هذه الحال هو:
(أن تنقل قلبك من الدنيا فتسكنه في وطن الآخرة ، ثم تقبل به كله على معاني القرآن واستجلائها ، وتدبرها ، وفهم ما يراد منه ، وما نزل لأجله ، واختر نصيبك من كل آياته ، وتنزلها على داء قلبك ، فإذا نزلت هذه الآية على داء القلب برئ القلب بإذن الله).
انتهى.
ولا بد أن يصحب ذلك كله الدعاء بالثبات ، فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يكثر منه:
« اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» رواه أحمد.
والدعاء بأن يجدد الله إيمانك ، فقد روى الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم».
والله أعلم.