قراءة لمدة 1 دقيقة الآية الثالثة في سورة النساء: (فانْكِحوا) الآية 27 في سورة القصص: (أُنكِحَكَ) أفهم من ذلك أن أَنْكِح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على تفسير القرآن الكريم بالرأي المجرد من غير بصيرة بلسان العرب وأساليب كلامهم، ومعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وكلام السلف والخلف.
قال السيوطي رحمه الله تعالى:
أجمعوا على حظر تفسير القرآن بالرأي من غير لغة ولا نقل .
اهـ.
وقد استدل العلماء على ذلك بقوله سبحانه:
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ .
وبما رواه أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار .
وقوله:
من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ .
رواه أبو داود والنسائي .
وبهذا تعلم خطورة الإقدام على تفسير القرآن بالرأي، ومنه قولك في تفسير الآيتين اللتين سألت عنهما، إذ معنى «انكحوا» في آية النساء:
تزوجوا.
قال في لسان العرب:
نكح فلان امرأة ينكحها إذا تزوجها .
قال الأعشى في نكح بمعنى تزوج.
ولا تقربن جارة أن سرها * عليك حرام فانكحن أو تأبدا الأزهري :
وقوله عز وجل:
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ {النور:
3} تأويله:
لا يتزوج الزاني إلا زانية، وكذلك الزانية لا يتزوجها إلا مشرك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم:
.
وأما قوله سبحانه في آية القصص:
أَنْ أُنْكِحَكَ .
فمعناه أن أزوجك.
قال في لسان العرب:
وأنكحه المرأة زوجه إياها .
وبهذا يتبين لك الفرق بين الفعلين في الآيتين، وأن نكح يختلف عن أنكح، فنكح متعد لفعل واحد.
وقوله تعالى:
( فَانْكِحُوا ) في سورة النساء فعل أمر من نكح.
وأما قوله تعالى:
( أَنْ أُنْكِحَكَ ) .
فهو متعد لمفعولين، وهو مضارع ماضيه أنكح، بهمزة القطع.
على أن ما توهمه السائل فاسد من جهة المعنى أيضا، وذلك أنا لو سلمنا له أن معنى( فَانْكِحُوا ) تزوجوا اليتامى ذكورا وإناثا يبقى ما تعلق بالفعل من قوله تعالى:
مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ إلى آخر الآية.
وهو أمر واضح.
والله أعلم.