قراءة لمدة 1 دقيقة السلام عليكم تحية طيبة وبعد : رجل تزوج قبل 3 سنوات وبعد شهر من الزواج سافرإلى أمريكا اللاتينية وانقط

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا غاب الرجل من امرأته لم يخل من حالين :
أحدهما :
أن تكون غيبته غيبة غير منقطعة ، يعرف خبره ، ويمكن الاتصال به ، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج بإجماع أهل العلم ، إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله فلها أن تطلب من القاضي فسخ النكاح ، فيفسخ نكاحه.
الحال الثاني :
أن يفقد وينقطع خبره ، ولا يعلم له موضع ، فهل لزوجته أن تتزوج من غيره ؟
اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
1 - مذهب الحنفية والشافعية وهو القول الجديد للشافعي :
أن امرأة المفقود لا تتزوج حتى يتبين موته أو فراقه لها ، وحجتهم من ذلك ما روى المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«امرأة المفقود امرأته حتى يأتي زوجها ».
وروى الحاكم وحماد عن علي :
« لا تتزوج امرأة المفقود حتى يأتي موته أو طلاقه ».
2 - مذهب الحنابلة :
والمعتمد عندهم التفصيل في غيبته :
أ - فإن كانت غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد بين أهله ليلاً أو نهاراً ، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع ، فلا يظهر له خبر ، أو يفقد بين الصفين في القتال ، أو ينكسر بهم مركب بحري فيغرق بعض رفقته ، أو يفقد في مهلكة كبرية موحشة ، فتتربص زوجته أربع سنين ، ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ، وتحل بعدها للأزواج ، ولا يتوقف ذلك على حكم حاكم ولا إلى طلاق ولي زوجها ، بل متى مضت المدة والعدة حلت للأزواج .
ولهم تفصيل فيما إذا عاد الزوج المفقود .
ومستندهم في ذلك ما روي عن عمر رضي الله عنه ، أنه جاءته امرأة فقد زوجها ، فقال:
تربصي أربع سنين ، ففعلت ، ثم أتته فقال :
تربصي أربعة أشهر وعشراً ، ففعلت ، ثم أتته فقال :
أين ولي هذا الرجل؟
فجاؤوا به ، فقال:
طلقها ، ففعل ، فقال عمر:
تزوجي من شئت .
رواه الأثرم والجوزجاني والدارقطني .
ويروى هذا أيضاً عن عثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير .
قال أحمد :
خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو القول القديم للشافعي .
ب :
وإن كانت غيبته ظاهرها السلامة كسفر التجارة في غير مهلكة ، والسفر لطلب العلم أو للسياحة ، فالمذهب أنها تتربص تسعين عاماً من يوم ولد ، ثم تعتد ، ثم تحل للأزواج.
3 - مذهب المالكية :
والمفقود عندهم إما أن يكون مفقوداً :
1 - في دار الإسلام 2 - أو في بلاد الكفر 3 - أو بين الصفين في قتال بين المسلمين 4 - أو بين الصفين في قتال بين المسلمين والكفار فالمفقود في بلاد الإسلام يؤجل له أربع سنين بعد البحث عنه والعجز عن خبره ، ثم تعتد زوجته .
والمفقود بأرض الشرك كالأسير، وحكمهما أن تبقى زوجتاهما لانتهاء مدة التعمير وهي سبعون سنة على الراجح .
والمفقود في الفتن بين المسلمين تعتد زوجته بعد انفصال الصفين.
والمفقود في القتال بين المسلمين والكفار يؤجل سنة بعد النظر والكشف عنه ثم تعتد زوجته .
وقالوا :
إن زوجة المفقود في بلاد الكفر تبقى إلى التعمير وهو بلوغ زوجها سبعين سنة بشرط دوام النفقة ، فإن لم تجد نفقة فلها طلب الطلاق ، وكذا لو خشيت الزنا .
وبعد العرض لأقوال المذاهب المتبعة ، فالحاصل أن زواج المرأة قبل مضي أربع سنين - على فرض أن غيبة الزوج ظاهرها الهلاك - لا يصح ، ويجب فسخ هذا النكاح عند الحنابلة ، وكذلك عند المالكية ، فيما إذا كان فقده في بلاد الإسلام .
ولهذا نقول :
ما أقدمت عليه المرأة من الزواج بأخي زوجها بعد ثلاث سنوات منكر ظاهر ، ويلزمها فسخ هذا النكاح ، والرجوع في ذلك إلى المحكمة الشرعية في بلدهما .
والله أعلم .