قراءة لمدة 1 دقيقة بمجرد وفاة الإنسان هل يشعر بمن حوله ويعرفهم ؟ وهل يسمع ما يدار من حديث حوله ؟ وهل بمجرد دفنه يتحرك و

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسائل المتعلقة بالميت وأحواله في قبره ، وهل يسمع ما يدور من حديث حوله ، ونحو ذلك ، تعتبر من الغيب الذي لا يجوز الخوض فيه إلا عند وجود الدليل الصريح من الكتاب أو صحيح السنة .
وقد اختلف العلماء في مسألة سماع الأموات كلام الأحياء ، فمنهم من قال بأنهم يسمعون كلام الأحياء ، ومنهم من نفى ذلك .
واستدل المثبتون بأدلة منها :
1 - ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - عن الميت - «إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا » .
2 - حديث خطاب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى بدر من المشركين - بعد أن تركهم ثلاثة أيام - « يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف ، فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال:
يا رسول الله !
كيف يسمعوا وأنى يجيبوا ، وقد جيفوا ؟
فقال :
» والذي نفسي بيده ، ما أنت بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا «.
ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر.
رواه البخاري ومسلم .
وقد سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله هل الميت يسمع كلام زائره ؟
فأجاب:
نعم يسمع في الجملة ، واستدل بما سبق .
3 - ما ثبت في الصحيحين من غير وجه أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالسلام على أهل القبور فيقول :
» قولوا السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون«.
الحديث.
قالوا :
فهذا خطاب لهم ، وإنما يخاطب من يسمع، إلى غير ذلك .
والقائلون بسماع الموتى منهم من قال بسماع الموتى مطلقاً ، ومنهم قيد ذلك بقوله:
فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يجب أن يكون السمع له دائماً ، بل قد يسمع في حالٍ دون حال ، وهذا السمع سمع إدراك ، ليس يترتب عليه جزاء ، ولا هو السمع المنفي بقوله :
(إنك لا تسمع الموتى ) فإن المراد بذلك :
سمع القبول والامتثال وهذا اختيار الإمام ابن تيمية .
وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها :
سماع الموتى لكلام الأحياء محتجة بقوله تعالى :
( إنك لا تسمع الموتى ) وبقوله :
( وما أنت بمسمع من في القبور) .
[فاطر:
22].
وقد وافق عائشة جماعة من العلماء الحنفية ، وقالوا :
بأن سماع أهل القليب للنبي معجزة ، أو خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأما حديث:
» يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه « فقالوا :
بأن ذلك خاص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعاً بينه وبين الآيتين.
والحق أن هذه المسألة قد أطال العلماء فيها الكلام ، ومن هؤلاء :
الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ، والحافظ ابن كثير حيث انتصر لسماع الموتى في تفسير سورة الروم ، والحافظ ابن رجب في كتابه :
أهوال القبور ، وصاحب تكملة أضواء البيان ..
وقد انتصر الألوسي في:
الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات ، لعدم سماع الموتى .
والحق الذي لا مراء فيه أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يلزم أن يكون السمع له دائماً ، بل قد يسمع في حال دون حال ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأما دعوى المخالفين :
الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم فلا دليل عليها في هذه المسألة.
وأما قولك هل بمجرد دفنه يتحرك ويجلس لحسابه ؟
فقد ثبت ذلك في حديث البراء الذي رواه أحمد ، وأبو داود ، وغيرهما وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
» فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان له :
من ربك ؟
فيقول :
ربي الله .
فيقولان له:
ما دينك ؟
فيقول:
ديني الإسلام ، فيقولان له:
ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟
فيقول:
هو رسول الله ، فيقولان له:
وما علمك؟
فيقول:
قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ".
الحديث.
وأما قولك :
هل ثقل وزنه بعد وفاته دليل على كثرة ذنوبه ؟
فالجواب :
إننا لا نعلم لذلك دليلاً من كتاب ولا سنة ، والله أعلم .