قراءة لمدة 1 دقيقة تعرّض أخي للسجن دون ذنب، وخرج -والحمد لله-، وهو يريد أن يعلم حكمة الله في سجنه، وهل السجن عقاب من ال

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكمة في ذلك هي الحكمة ذاتها من خلق الإنسان بصفة عامة؛
فالله تعالى إنما خلقنا امتحانًا واختبارًا، كما قال تعالى:
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {الملك:
2}، وقال سبحانه:
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت:
2-3}، وقال عز وجل:
مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ { آل عمران:
179}.
وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية -كالأوامر والنواهي-، ويكون كذلك بالأحكام القدرية، سواء ما نحب منها -كالأموال والأولاد-، أم ما نكره -كالمصائب والشدائد-، كما قال تعالى:
وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:
35}، وهذا النوع من البلاء بالنسبة للمؤمن:
تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، وراجع في ذلك الفتويين:
، .
وقد سبق لنا ذكر أسباب البلاء ووسائل دفعه في الفتويين:
، .
وعلى أية حال؛
فالدنيا ليست بدار جزاء، والعدل المطلق لا يقام فيها، وإنما يكون في الآخرة، كما قال تعالى:
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:
47}.
فالمظلوم إن لم يأخذ حقّه في الدنيا، فسيجده يوم القيامة كاملًا موفورًا، أحوج ما يكون إليه؛
حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض .
رواه الترمذي ، وحسنه الألباني .
وأما الظالم؛
فإن لم يؤاخذ في الدنيا، فالعقوبة العادلة تنتظره يوم القيامة، كما قال عز وجل:
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ {إبراهيم:
42}، وراجع في ذلك الفتوى:
.
والله أعلم.