قراءة لمدة 1 دقيقة جار لنا ارتد، ثم أراد الرجوع إلى الإسلام والتوبة. إلا أنه يقول هل حقوق العباد تسقط عنه إذا تاب؟ أم ل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على ذلك المرتد أن يبادر إلى التوبة، ويُسْلِم، ولا يؤخر ذلك -تفكيرا في حقوق العباد- بل عليه أن يتوب من الردة إنقاذا لنفسه من النار، وقياما بحق الله تعالى عليه.
وأما حقوق العباد:
فقد اختلف الفقهاء في المرتد إذا أسلم هل يطالب بحقوق العباد أم لا؟
على قولين.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى:
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ .
{الأنفال:
38}.
قال:
فَأَمَّا الْمُرْتَدُّ إِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ، وَأَصَابَ جِنَايَاتٍ وَأَتْلَفَ أَمْوَالًا، فَقِيلَ:
حُكْمُهُ حُكْمُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إِذَا أَسْلَمَ، لَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَحْدَثَهُ فِي حَالِ ارْتِدَادِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ:
يَلْزَمُهُ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلْآدَمِيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ تَلْزَمُهُ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:
مَا كَانَ لِلَّهِ يَسْقُطُ، وَمَا كَانَ لِلْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:
وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُسْتَغْنٍ عَنْ حَقِّهِ، وَالْآدَمِيُّ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَتَلْزَمُهُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ.
قَالُوا:
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
« قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ» عام في الحقوق لله تَعَالَى .
اهــ ونقل بعض العلماء الاتفاق على تضمين المرتد ما أتلفه من الأموال كالمسلم سواء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
كَالْمُسلمِ إِذا ظلم الْمُسلم وَالْمُرْتَدّ الَّذِي أتلف مَالا لمُسلم، وَلَيْسَ بمحارب بل هُوَ فِي الظَّاهِر مُسلم أَو معاهد، فَإِن هَؤُلَاءِ يضمنُون مَا أتلفوه بالِاتِّفَاقِ .
اهــ وعلى هذا لا يسقط عن المرتد إذا أسلم شيء من الحقوق لا المالية ولا غيرها؛
كالضرب ونحوه.
وأما الغيبة:
فالمفتى به عندنا أنه يكفي التائب منها الندم والاستغفار، وذكر محاسن الذين اغتابهم، ولا يلزمه التحلل منهم وإخبارهم بأنه اغتابهم.
وانظر الفتوى:
.
والله أعلم.