قراءة لمدة 1 دقيقة حججت هذا العام -بفضل الله-, وعند عودتي إلى بلدي أخذت بطانية كانوا قد أعطونني إياها في منى، وبعدها عل

حججت هذا العام -بفضل الله-, وعند عودتي إلى بلدي أخذت بطانية كانوا قد أعطونني إياها في منى، وبعدها عل

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن أعطوك البطانية على أن ترجعيها بعد انتهاء الحج، فإنها تعتبر عارية، والواجب إرجاعها، فإن تعذر إرجاعها بكل حال فتصدقي بها عن مالكها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْإِنْسَانِ غصوب، أَوْ عَوَارٍ، أَوْ وَدَائِعُ، أَوْ رُهُونٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِهَا، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمْ، أَوْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى قَاسِمٍ عَادِلٍ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ, وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَقُولُ:
تَوَقَّفَ أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَصْحَابَهَا, وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ, فَإِنَّ حَبْسَ الْمَالِ دَائِمًا لِمَنْ لَا يُرْجَى لَا فَائِدَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ تَعَرُّضٌ لِهَلَاكِ الْمَالِ وَاسْتِيلَاءِ الظَّلَمَةِ عَلَيْهِ, وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَدَخَلَ بَيْتَهُ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ، فَخَرَجَ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ بِالثَّمَنِ, وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ عَنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ، فَإِنْ قُبِلَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فَهُوَ لِي، وَعَلَيَّ لَهُ مِثْلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَكَذَلِكَ أَفْتَى بَعْضُ التَّابِعِينَ مَنْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَتَابَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَنْهُمْ، وَرَضِيَ بِهَذِهِ الْفُتْيَا الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ، كمعاوية، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ.
انتهى.
وقال أيضا:
وَلَوْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَلِكَ كَلُّ مَالٍ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ مِنْ الغصوب، وَالْعَوَارِيَّ، وَالْوَدَائِعَ، وَمَا أُخِذَ مِنْ الْحَرَامِيَّةِ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، أَوْ مَا هُوَ مَنْبُوذٌ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ؛
فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
اهـ.
والله تعالى أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا