قراءة لمدة 1 دقيقة روى أبو بكر البيهقي، عن الربيع بن سليمان: أن الشافعي بعثه إلى أحمد بن حنبل ببغداد، وأخبره بأنه رأى ا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكاية رسالة الإمام الشافعي إلى الإمام أحمد بأنه سيمتحن في خلق القرآن.
ذكرها غير واحد من أهل العلم:
كابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد .
و ابن عساكر في تاريخ دمشق، بأسانيد تكلم عليها بعض المحققين، وأن فيهم من هو متهم.
وممن نقلها الإمام السبكي في طبقات الشافعية، و ابن مفلح في الآداب الشرعية.
قال ابن مفلح :
وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَاشْتُهِرَتْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْخَلْقِ، وَتَحَلَّتْ بِهَا الْكُتُبُ الْمُدَوَّنَةُ ..
اهـ.
كما نقلها ابن كثير في البداية والنهاية.
فقال:
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ:
عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ:
بَعَثَنِي الشَّافِعِيُّ بِكِتَابٍ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَأَتَيْتُهُ وَقَدِ انْفَتَلَ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ.
فَقَالَ:
أَقَرَأْتَهُ؟
فَقُلْتُ:
لَا!
فَأَخَذَهُ فَقَرَأَهُ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا فِيهِ؟
فَقَالَ:
يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام.
فقال:
اكْتُبْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ:
إِنَّكَ سَتُمْتَحَنُ وَتُدْعَى إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَلَا تُجِبْهُمْ، يَرْفَعُ اللَّهُ لَكَ عَلَمًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الرَّبِيعُ:
فَقُلْتُ:
حَلَاوَةُ الْبِشَارَةِ، فَخَلَعَ قَمِيصَه الَّذِي يَلِي جِلْدَهُ فَأَعْطَانِيهِ، فَلَمَّا رجعت إلى الشافعي أخبرته، قال:
إِنِّي لَسْتُ أَفْجَعُكَ فِيهِ، وَلَكِنْ بُلَّهُ بِالْمَاءِ وأعطينيه حتى أتبرك به .
انتهى.
وفي بعض الروايات:
حتى أشركك فيه.
وقال عنها الذهبي في سير أعلام النبلاء، في ترجمة الرَّبِيْع بن سُلَيْمَانَ :
وَلَمْ يَكُنْ -الربيع- صَاحِبَ رِحلَةٍ، فَأَمَّا مَا يُرْوَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ بعثَهُ إِلَى بَغْدَادَ بِكِتَابِهِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فغيرُ صَحِيْحٍ .
انتهى.
وعلق عليها محمد رشيد رضا في مجلة المنار بقوله:
والسند الذي ذكروه لا يصح .
اهـ.
إذا؛
فالحكاية حكم عليها الذهبي -وهو من هو- بعدم الصحة إجمالا، وحكم محمد رشيد رضا على سندها بعدم الصحة.
والحاصل أن تلك الرواية غير صحيحة.
والله أعلم.