قراءة لمدة 1 دقيقة سؤال سأله أحد كبار السن لإمام مسجد مصري فقال في سؤاله أنا عندي غنم وعددها تقريبا أربعة تشرب من ماء ب

سؤال سأله أحد كبار السن لإمام مسجد مصري فقال في سؤاله أنا عندي غنم وعددها تقريبا أربعة تشرب من ماء ب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
‏ ‏فلا بد هنا من بيان عدة أمور وهي :
‏ ‏1- أن الفقهاء قد اختلفوا في نجاسة الكلب، حيث يرى المالكية- في الراجح من ‏مذهبهم- طهارة الكلب وطهارة سؤره، خلافا للشافعية والحنابلة حيث يرون ‏نجاسة ذلك كله، ووافقتهم الحنفية في نجاسة اللحم والريق، وسبب اختلافهم ‏يرجع إلى الخلاف في أحاديث الولوغ، هل هي محمولة على التنجيس ؟
أم أنها ‏محمولة على التعبد، وهو شيء أمرنا الله به ولم يظهر لنا علته.
ومن أحاديث ‏الولوغ مارواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إذا ولغ الكلب في ‏إناء أحدكم فاغسلوه سبعا، وعفروه الثامنة بالتراب » وبناء على ذلك فقد ‏ذهب المالكية -في الراجح من مذهبهم- إلى أنه إذا ولغ الكلب في الإناء فإنه ‏يندب غسله سبع مرات، كما يندب أن يراق ما فيه إن كان ماء ، أما الطعام ‏إذا ولغ فيه فيحرم إراقته عندهم لما فيه من إضاعة المال ، بينما يرى الشافعية ‏والحنابلة وجوب إراقة ما ولغ فيه الكلب من طعام أو شراب، ووجوب غسل ‏الإناء سبعاً، مع اختلاف في اشتراط الترتيب، فالراجح من مذهب الشافعية ‏جواز جعل التراب في أي مرة من المرات مع القول باستحباب كونها الأولى ، ‏قال الإمام ابن قدامة في المغني ( النجاسة تنقسم إلى قسمين :
أحدهما نجاسة ‏الكلب والخنزير والمتولد منهما ، فهذا لا يختلف المذهب في أنه يجب غسلها ‏سبعا ، إحداهن بالتراب ، وهو قول الشافعي ) ويرى الحنفية تثليث الغسل هذا ‏هو مذهبهم ، وعندهم قول بتفويض الغسل إلى رأي المبتلى، وهذا ما رجحه ‏العيني ومعناه أنه لا يجب العدد، بل يغسل الإناء حتى يغلب على الظن نقاؤه ‏من النجاسة .
‏ والراجح في هذا الخلاف ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة من وجوب غسل ما ولغ فيه ‏الكلب ( سبعا ) إحداهن بالتراب، مع وجوب إراقة ما ولغ فيه ‏ من طعام أو شراب -كما تقدم- لأن الأصل في الأمر هو الوجوب، ولا يوجد ‏صارف يصرفه إلى الاستحباب في هذه الحالة .
‏ ‏2-هل تعتبر الأغنام جلالة إذا شربت مما ولغ فيه الكلب ؟
لبيان ذلك لا بد من ‏الحديث عن الجلالة، وبيان المقصود بها عند الفقهاء ، وبصفة إجمالية يقصد الفقهاء ‏بالجلالة الدواب التي تأكل الجلة - أي العذرة - وللفقهاء في بيانها أقوال منها:
‏ ا- أنها التي غلب على علفها النجاسة .
‏ ب- أنه لا عبرة بالعلف، بل إذا ظهر أثر النجاسة ونتنها في لحمها فهي جلالة .
‏ وقد اختلف الفقهاء في حكم أكل لحم الجلالة، هل هو محرم أو مكروه؟
:
وكذلك لبنها؟
وفيما ‏يلي مذاهب العلماء في المسألة:
‏ ‏-يرى الأحناف أن الجلالة لا تؤكل بشرطين :
‏ أولهما :
أن يكون كل أكلها من النجاسة فلا تأكل غيرها .
‏ الثاني :
أن يظهر نتن النجاسة في لحمها .
‏ فإن كانت تخلط -أي تأكل الطاهر والنجس- ولا يظهر أثر النجاسة في لحمها، أو ‏حبست فزال أثر النجاسة في لحمها ، فلا بأس عندهم بأكلها ، غير أنهم اختلفوا في ‏تقدير مدة الحبس التي يزول بها النتن ، فقيل :
لا تقدير أصلا ، وقيل شهر ، وقيل ‏أربعون يوما في الإبل ، وعشرون يوما في البقر ، وعشرة أيام في الشاة ، وثلاثة أيام في ‏الدجاجة .
( تبين الحقائق 6/10)‏ ‏-وأما المالكية فقد نقل الحطاب عن ابن رشد أنه لا اختلاف في المذهب أن أكل لحوم ‏الماشية والطير التي تتغذى بالنجاسة حلال جائز، ونقل ابن جزي خلافا في المذهب.
انظر:
‏الحطاب على خليل ( 1/92)، القوانين الفقهية 116 .
‏ ‏-وعند الشافعية تفصيل بناء على اختلافهم في الجلالة فمنهم من قال :
الجلالة هي التي ‏غالب علفها النجاسة ، ومنهم من قال :
لا اعتبار بالعلف ، بل الاعتبار بظهور نتن ‏النجاسة في عرقها ولحمها ، وهذا ما رجحه النووي وغيره، وبناء عليه فالراجح ‏عندهم كراهة لحمها كراهة تنزيهية ، فإن حبست بعد ظهور النتن وعلفت شيئا طاهراً ‏‏، فزالت الرائحة زالت الكراهة في اللحم ، واللبن ، والبيض ، والعرق ( المجموع ‏للنووي 9/28) ‏ ‏ - أما الحنابلة :
فالجلالة عندهم هي التي غالب طعامها النجاسة ، والراجح عندهم ‏حرمة لحمها ، وبيضها ، ولبنها ، واشترطوا لحلها أن تحبس .
‏ قال المرداوي ( وتحرم الجلالة التي أكثر علفها النجاسة ، ولبنها وبيضها حتى تحبس ) ‏هذا المذهب ، وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب ( وتحبس ثلاثا ) يعني ‏تطعم الطاهر، وتمنع من النجاسة ، هذا المذهب نص عليه) .
انظر :
الإنصاف للمرداوي ‏كتاب الأطعمة .
‏ والراجح -والله أعلم- كراهة أكل لحم الجلالة ، وكراهة بيضها ولبنها ، وركوبها ‏بدون حائل ، وهذا ما اختاره الخطابي عند حديث ابن عباس ( نهى النبي صلى الله عليه ‏وسلم عن شرب لبن الجلالة ) رواه أبو داود ، والنسائي حيث قال ( كره أكل لحومها ‏وألبانها تنزها وتنظفا ) معالم السنن 5/306‏ وبناء على ما تقدم نقول :
الأولى أن تمنع الكلب من الشرب مع الغنم ، وإذا شرب ‏من الإناء وجب عليك إراقة الماء، وغسل الإناء سبعا إحداها بالتراب ، أما أكل لحمها ‏أو شرب لبنها فالظاهر أن كل ذلك جائز وإن لم تحبس، لأن الشرب من ماء ولغ فيه ‏كلب لا يرتقي إلى درجة التغذي بالنجاسة، هذا هو الذي ظهر لنا، ولو حبستها بضعة ‏أيام قبل أن تشرب من ألبانها أو تأكل من لحومها تورعا، فلا شك أن ذلك أولى .
‏ ‏والله أعلم .

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا