قراءة لمدة 1 دقيقة صُنِع منبر من خشب للخطابة، فاعترض بعض المصلين على رسم مسجد قبة الصخرة باللون الأصفر في هذا المنبر؛ ل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلّت السنة على المنع مما يشغل المصلي عن صلاته، ففي صحيح البخاري و مسلم من حديث عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلَامٌ, فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً, فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ:
اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ, فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي ..
.
الحديث.
قال الإمام النووي في شرح مسلم :
فَفِيهِ الْحَثّ عَلَى حُضُور الْقَلْب فِي الصَّلَاة, وَتَدَبُّر مَا ذَكَرْنَاهُ, وَمَنْع النَّظَر مِنْ الِامْتِدَاد إِلَى مَا يَشْغَل, وَإِزَالَة مَا يَخَاف اِشْتِغَال الْقَلْب بِهِ، وَكَرَاهِيَة تَزْوِيق مِحْرَاب الْمَسْجِد, وَحَائِطه, وَنَقْشه, وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الشَّاغِلَات؛
لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْعِلَّة فِي إِزَالَة الْخَمِيصَة هَذَا الْمَعْنَى ..
.
اهــ.
ويتأكد ذلك إذا كان ما يشغله جهة القبلة، قال ابن قدامة في المغني:
وَقَدْ رَوَى مُجَاهِدٌ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدَعُ شَيْئًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ إلَّا نَزَعَهُ، لَا سَيْفًا، وَلَا مُصْحَفًا.
رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ:
وَلَا يُكْتَبُ فِي الْقِبْلَةِ شَيْءٌ؛
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي، وَرُبَّمَا اشْتَغَلَ بِقِرَاءَتِهِ عَنْ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَزْوِيقُهَا، وَكُلُّ مَا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ .
اهــ.
كما سبق أن بينا في الفتوى:
أن كتابة آيات القرآن، وجعلها خلف الظهر، فيه تشبه بأهل الكتاب، الذين وصفهم الله تعالى بأنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وأن الشبه -وإن كان في مجرد الصورة لا الحقيقة-، فإنه تشبه مذموم.
والله أعلم.