قراءة لمدة 1 دقيقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا لم أبعث لعّانًا، بل بعثت رحمة»، ونهى عن اللعن، فكيف لعن رجلين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا لم أبعث لعّانًا، بل بعثت رحمة»، ونهى عن اللعن، فكيف لعن رجلين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر شراح الحديث أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:
لم أبعث لعّانًا .
قاله بعد أن لعن جماعة، فنزل جبريل ، ونهاه عن اللعن، قال القرطبي في كتابه:
«المفهم»:
قوله -صلى الله عليه وسلم-:
(إني لم أبعث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة)، كان هذا منه -صلى الله عليه وسلم- بعد دعائه على رعل، وذكوان، وعصية، الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم، ويلعنهم في آخر كل صلاة من الصلوات الخمس، يَقْنُت بذلك؛
حتى نزل عليه جبريل، فقال:
إن الله تعالى لم يبعثك لعّانًا، ولا سبّابًا، وإنما بعثك رحمة، ولم يبعثك عذابًا، ثم أنزل الله تعالى:
{لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ}، على ما خرجه أبو داود في مراسيله، من حديث خالد بن أبي عمران، وفي الصحيحين ما يؤيد ذلك، ويشهد بصحته .
اهــ.
وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ؛
فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً، وَأَجْرًا .
رواه مسلم .
ويحتمل أن يكون المنفي في حديث:
« لم أبعث لعّانًا» هو تكثير اللعن، وليس أصل الفعل؛
لأن كلمة:
(لَعَّان) معناها:
كثير اللعن.
كما يحتمل أن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون مستثنى من ذلك الحديث:
« لم أبعث لعّانًا »، فقد قال الهرري الشافعي في الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم :
قوله:
«لم أبعث لعّانًا» يعني أن تكثير اللعن ليس من دأبي، وسنَّتي.
أما دعوته على رعل، وذكوان حين قتلوا أصحاب بئر معونة، فإما أن يكون قبل هذا الحديث، وصار هذا الحديث كالنَّاسخ له، وإليه مال القرطبي، كما سيأتي.
وإما أن يكون في أسباب مخصوصة مستثناة من عموم هذا الحديث .
اهــ.
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا