قراءة لمدة 1 دقيقة قرأت لخطيب الجمعة ما يلي : (لا مانع ولا بأس للمسلم إذا سمع أن جاره غير المسلم يحتضر أن يسارع إليه لي

قرأت لخطيب الجمعة ما يلي : (لا مانع ولا بأس للمسلم إذا سمع أن جاره غير المسلم يحتضر أن يسارع إليه لي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة للإسلام ليست خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، بل يشرع لجميع أتباع النبي صلى الله عليه وسلم القيام بها حسب استطاعتهم،عملا بقوله تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ { يوسف :
108 } ولقوله تعالى:
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:
125} ويشرع دعوة الكافر عند احتضاره، وليس ذلك خاصا بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويدل لذلك أمره صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله :
لقنوا موتاكم لا إله إلا الله .
رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب عند موته:
يا عم قل:
لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله .
رواه البخاري ومسلم .
وقد روى أحمد وأبو يعلى عن أنس:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا خال قل:
لا إله إلا الله .
صححه الأرناؤوط و حسين أسد .
وأما التوفيق بين الآيات والحديث فجوابه أن الغلام لم يبلغ درجة الغرغرة والله تعالى يقبل توبة كل من المسلم والكافر إذا تاب توبة صادقة قبل الغرغرة، ففي الحديث:
إ ن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ، رواه الترمذي.
وقال الله تعالى:
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:
17}.
قال الحسن البصري :
ما لم يغرغر، وقال عكرمة :
الدنيا كلها قريب .
وقال الضحاك :
ما كان دون الموت فهو قريب.
ومما يدل على قبول صحة إسلام الكافر عند الموت قبل الغرغرة ما رواه ا لبخاري وغيره عن أنس قال:
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه يعوده فقعد عند رأسه فقال:
أسلم.
فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال:
أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار .
و فرعون لم ينفعه النطق بالتوحيد في اللحظة التي قاله فيها، لأن إيمانه كان عند رؤية العذاب وحضور الموت والوقوع في النزع والغرغرة كما قال ابن الجوزي في تفسيره:
قال ابن عباس لم يقبل الله إيمانه عند رؤية العذاب.
قال ابن الأنباري جنح فرعون إلى التوبة حين أغلق بابها لحضور الموت ومعاينة الملائكة فقيل له ( آلآن ) أي الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها وكنت من المفسدين بالدعاء إلى عبادة غير الله عز وجل ..
.
اهـ وقال ابن كثير في تفسيره :
..
..
تراكمت الأمواج فوق فرعون وغشيته سكرات الموت فقال وهو كذلك :
آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، فآمن حيث لا ينفعه الإيمان، فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون .
اهـ وقال الشوكاني في تفسيره :
ولم ينفعه هذا الإيمان أنه وقع منه بعد إدراك الغرق كله كما تقدم في النساء ، ولم يقل اللعين آمنت بالله أو برب العالمين ، بل قال :
آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، لأنه بقي فيه عرق من دعوى الإلهية .
قوله :
وأنا من المسلمين:
أي المستسلمين لأمر الله المنقادين له الذين يوحدونه وينفون ما سواه ..
.
.
اهـ وقال البغوي في تفسيره:
وليست التوبة للذين يعملون السيئات، يعني :
المعاصي حتى إذا حضر أحدهم الموت، ووقع في النزع ، قال إني تبت الآن وهي حالة السوق حين تساق روحه ، ولا يقبل من كافر إيمان ولا من عاص توبة ، قال الله تعالى :
فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ( غافر - 85 ) ولذلك لم ينفع إيمان فرعون حين أدركه الغرق .
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا