قراءة لمدة 1 دقيقة ماهي حجية شرع من قبلنا؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الاحتجاج بشرع من قبلنا، فذهب بعض الأصولين إلى أنه ليس بحجة مستدلين بقول الله تعالى:
لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً {المائدة:
48}.
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة .
رواه مسلم .
وذهب الجمهور إلى أنه حجة، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى:
..
أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ {الأنعام:
90}.
وبما في صحيح البخاري وغيره:
أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية امرأة فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالقصاص فقال أنس بن النضر:
أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟
لا، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال:
يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وعفوا.
.
الحديث.
والذي في كتاب الله تعالى هو ما كتبه الله تعالى في التوراة على أهل الكتاب من قبلنا في قوله تعالى:
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة:
45}.
فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحكم بشرائع الأنبياء السابقين إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي استدلوابها.
وذهب بعضهم إلى التفصيل فقال:
إن شريعة إبراهيم وما ورد في القرآن والسنة من شرائع الأنبياء على وجه المدح والتقرير والسكوت عليه دون مخالفة فهو حجة يجب الأخذ بها لقول الله تعالى:
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً {النحل:
123}.
وإلى هذا الخلاف أشار ابن عاصم المالكي الأندلسي في مرتقى الأصول بقوله:
وقيل هل في شرع من عنا مضى شرع لنا في غير ما الشرع اقتضى بالمنع، والجواز، والتفصيل بمنع غير شرعة الخليل .
والراجح ـ إن شاء الله تعالى ـ هو مذهب الجمهور لكثرة الأدلة ووضوحها وهو أن شرع من قبلنا شرع لنا مالم يكن في شرعنا ما يخالفه، كما قال أهل العلم.
والله أعلم.