قراءة لمدة 1 دقيقة ما الفرق بين الخوف والخشية في قوله تعالى: (يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخوف والخشية لفظان متقاربان، لا مترادفان، وبينهما عموم وخصوص:
فالخشية أخصّ من الخوف، وأعلى مقامًا منه؛
لأنها خوف مقرون بمعرفة.
والفرق بينهما في الآية الكريمة هو أن أولي الألباب الذين وصفهم الله تعالى في هذه الآية بعدة أوصاف منها:
{ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} أي:
في جميع المعاصي، فيحافظون على حدود الله، ويبتعدون عن محارمه، { وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} أي:
الاستقصاء في الحساب، والمناقشة يوم القيامة؛
لأن من نوقش الحساب عذّب .
وقد لخص الإمام ابن القيم - رحمه الله- الفرق بينهما في «مدارج السالكين»، فقال:
الخوف اضطراب القلب، وحركته من تذكر المخوّف..
، وقيل:
الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخشية أخصّ من الخوف؛
فإن الخشية للعلماء بالله، قال الله تعالى:
إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر:
28)، فهي خوف مقرون بمعرفة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إني أتقاكم لله، وأشدكم له خشية، فالخوف حركة، والخشية انجماع، وانقباض، وسكون.
انتهى بتصرف يسير.
والحاصل:
أن الخوف هو اضطراب القلب وحركته -أي:
هرب القلب مِن حلول المكروه عند الشعور به-، وأما الخشية فهي:
انجماع وانقباض وسكون، و خوف مقرون بمعرفة؛
ولذلك وصف الله تعالى العلماء بالخشية، فقال سبحانه:
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر:
28]، وذلك لأنهم إذا خافوا ربهم سكنوا إليه؛
فكان الخوف هروبًا من المخوّف، والخشية هي السكون بعده.
والله أعلم.