قراءة لمدة 1 دقيقة ما حكم من يصلي في البيت بسبب أن المسجد الذي بجانبه ليس فيه أحد؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاته في البيت صحيحة، ونرجو أن لا إثم عليه، والأفضل له أن يصلي في المسجد ليعمره، وقد قال تعالى:
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:
18}.
وفضل الصلاة في المسجد ليس منحصرًا في ثواب الجماعة، بل هناك فضائل أخرى:
منها:
تحصيل ما يُعِدّهُ اللهُ تعالى لمن ذهب إلى المسجد من النُّزُلِ، كما جاء في الحديث:
مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا، أَوْ رَاحَ.
رواه مسلم.
ومنها:
رفع الدرجات، وحط السيئات بالخطوات إلى المسجد، كما في الحديث:
مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ؛
لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا:
تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى:
تَرْفَعُ دَرَجَةً.
رواه مسلم .
فإذا دار الأمر بين أن يصلي في المسجد منفردًا، أو يصلي جماعة في غيره كالبيت، فإن للعلماء قولين في أيهما أفضل:
1) أولهما أن الأفضل أن يصلي جماعة في غير المسجد؛
لأن مراعاة فضل أداء العبادة نفسها جماعة أولى من مراعاة فضل مكان العبادة، قال الإمام النووي في المجموع:
الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِ الْعِبَادَةِ، وَتَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمَذْهَبِ - وذكر منها - فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَسْجِدٌ لَيْسَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، فَصَلَاتُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا فِي الْمَسْجِدِ .
اهــ .
2) وثانيهما أن المسجد أفضل؛
لعموم حديث:
فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَة.
رواه مسلم.
جاء في حاشية البجيرمي :
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِالْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ .
اهـ.
وفي أسنى المطالب:
قَالَ الْمُتَوَلِّي:
الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا .
اهـ.
بل يرى بعض العلماء الموجبين لصلاة الجماعة في المسجد أنه يجب عليه أن يذهب للمسجد، ولو صلى وحده, فقد سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - عن مسجد في منطقة نائية، لا يصلي فيه أحد، ويذهب إليه شخص يصلي فيه لوحده، فقال:
نوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد، ويؤذن؛
لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده - والحمد لله - نوصيه بأن يستمر، وألا يصلي في البيت؛
لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدًا، وإلا صلى وحده - والحمد لله - لا يجوز الصلاة في البيت، والمساجد موجودة .
اهــ من فتاوى نور على الدرب.
والله تعالى أعلم.