قراءة لمدة 1 دقيقة ما علاج ما يظل يدور ببالي من كوني أفضل من فلان وفلان؟ الحمد لله على كل نعمة بحياتي، أهمها وأولها الإ

ما علاج ما يظل يدور ببالي من كوني أفضل من فلان وفلان؟ الحمد لله على كل نعمة بحياتي، أهمها وأولها الإ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استشعارك لخطر المسألة، وبحثك عن العلاج، مؤشر خير.
نسأل الله أن يوفقنا وإياك، وأن يطهر قلوبنا.
واعلمي أن رؤية الفضل على الغير لا تجوز، وهي من مظاهر العجب.
قال ابن يونس -المالكي- في الجامع لمسائل المدونة:
من العجب أن ترى لنفسك الفضل على الناس ..
.
اهـ.
وقد نص على حرمة رؤية الفضل على الغير، الشيخ الأخضري في مختصره الفقهي، فقال:
ويحرم عليه الكذب والغيبة والنميمة، والكبر والعجب، والرياء والسمعة، والحسد والبغض، ورؤية الفضل على الغير ..
.
.
اهـ.
وقال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح:
فلا يحل الهزء ولا السخرية بأحد، وأصل هذا إعجاب المرء بنفسه، وازدراء غيره، وكان يقال:
من العجب أن ترى لنفسك الفضل على الناس وتمقتهم، ولا تمقت نفسك.
وقد روى ثابت، عن أنس -رضي الله عنه-:
أنه -عليه السلام- قال:
« لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك:
العجب، العجب».
وقال مطرف:
لأن أبيت نائما، وأصبح نادما، أحب إلى من أن أبيت قائما، وأصبح معجبا..
.
اهـ.
ومن العلاج استحضار خطر هذه الآفة، وأن تتذكري أن النعم قد لا تدوم، وأن العبد لا يدري ما يختم له به، وأن تنظري إلى المسلمين بعين التعظيم والاحترام، ورؤية الفضل لهم.
قال النفراوي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني :
ينبغي لك يا أخي أن لا تخير نفسك على أحد؛
لأنك لا تدري ما الخاتمة، فيحملك ذلك على هضم النفس، وترك العجب والكبر ومحبة الخير للغير، وعلى عدم العظمة على الإخوان؛
لأن رؤية الشخص نفسه رفيعا عن إخوانه من أعظم الآفات -أعاذنا الله ومن نحب من ذلك- بل المطلوب من الشخص أن يجعل نفسه دائما في حضيض النقصان في سائر أموره حتى عبادته؛
لأن التواضع ذريعة إلى الرفعة، كما قد جاء في الأخبار.
وفي كلام بعض الفضلاء:
اتضع ولا ترتفع، واتبع ولا تبتدع..
.
اهـ.
وقد بين ابن الحاج كيفية النظر إلى المسلمين بعين التعظيم والاحترام، ورؤية الفضل لهم.
فقال في المدخل:
فصل في كيفية النظر إلى المسلمين بعين التعظيم والاحترام، ورؤية الفضل لهم عليه:
ينبغي للمكلف أن ينظر إلى إخوانه المسلمين بهذا النظر الحسن.
فإذا نظر إليهم بذلك وجدهم على طبقات ثلاث، له في كل طبقة منها سلوك إلى ربه عز وجل.
أما الطبقة الأولى:
فإنه إذا نظر من هو أكبر منه سنا، أو أعلم، أو أكثر عبادة وانقطاعا لربه -عز وجل- علم أن له فضيلة عليه بسبقه للإسلام، أو ما خصه الله -تعالى- به من الخصال الحميدة في الشرع الشريف، وعلم تقصيره في نفسه؛
فيحترمه ويعظمه، ويرى فضله عليه وسبقه.
الطبقة الثانية:
أن يرى من هو مثله، فينبغي له أن ينظره بعين التعظيم؛
لأنه قد يكون سالما من الذنوب، أو تكون له ذنوب لكنه بالنسبة إلى الرائي له أقل؛
إذ أن الإنسان يعرف ذنوبه على الحقيقة، ولا يعرف ذنوب غيره، ولعله إذا اطلع على ذنب لغيره لم يكن له سوى ما اطلع عليه، وإذا كان كذلك فينبغي أن ينظره بعين التعظيم والتفضيل له على نفسه.
الطبقة الثالثة:
أن يرى من هو أصغر منه سنا، فيقول:
هذا أقل مني ذنوبا؛
لأني قد سبقته إلى الدنيا وارتكبت فيها ما ارتكبت، وهو بعد لم يكن مكلفا، فلا ذنوب عليه.
فإن رأى من هو مبتلى في دينه، وضاق عليه سلوك باب التأويل في حقه، فليرجع إذ ذاك لنفسه ولينظر مِنَّة الله -تعالى- عليه في الحال، في كونه أنعم الله عليه بما تلبس به من الطاعات، وكونه سالما مما ابتلي به غيره مما هو محظور في الشرع الشريف، ثم مع ذلك يذكر نفسه بالخاتمة، فإنه لا يدري بماذا يختم له، فإنه إن عومل بالعدل فلا يخلصه شيء مما هو فيه من أفعال القرب، وإن كثرت.
وإن عومل من رآه بالفضل قضيت عنه التبعات، وقبل منه اليسير من الحسنات فإن فضل الله لا ينحصر في جهة، وعدله لا يؤمن في حال.
فإذا نظر إلى الناس بحسن هذا النظر، ربح وعادت عليه بركة تحسين ظنه بإخوانه المسلمين حالا ومآلا، وكان اجتماعه بهم رحمة في حقه وحقهم.
وكذالك الفرار منهم والهروب من خلطتهم بهذا النظر والاعتبار به، في كل ذلك سلوك إلى ربه -عز وجل- إلا أن هذا النوع أسلم وآمن عاقبة لمن قدر عليه، سيما في هذا الزمان.
لكن يشترط في حقه إذا رأى مبتلى في دينه أن يقيم عليه سطوة الشرع الشريف، مع ما تقدم من التأويل الحسن في حقه له، فإن عجز عن ذلك فأقل ما يمكنه الهجران له ..
.
.
اهـ.
وراجعي الفتويين:
، .
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا