قراءة لمدة 1 دقيقة من الذي أخبر السيدة عائشة -رضي الله عنها- بالحديث الذي دار بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وملك ال

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قصة احتضار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووفاته..
كل ذلك مروي في كتب السيرة ودواوين السنة.
وملخص ذلك أنه في فجر الاثنين ثاني عشر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، وبينما الناس في صلاتهم، خلف أبي بكر -كما أمر بذلك -صلى الله عليه وسلم- إذ بالستر الفاصل بين حجرة عائشة والمسجد يرفع، وبرز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ورائه، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة فتبسم..
فرجع أبو بكر إلى الصف، ظناً منه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصلاة..
وكاد المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر..
وانصرف الناس بعد الصلاة وهم يظنون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد شفي وعوفي من مرضه، ولكن تبين أنها كانت نظرة تفقد ووداع.
فعاد -صلى الله عليه وسلم- إلى فراشه واستند على عائشة -رضي الله عنها-، وجعلت تتغشاه سكرات الموت..
قالت عائشة فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول:
لا إله إلا الله إن للموت لسكرات .
وكانت فاطمة -رضي الله عنها- إذا رأت منه ذلك قالت:
واكرب أباه!
فيقول لها -صلى الله عليه وسلم-:
ليس على أبيك كرب بعد اليوم .
كل هذا جاء في البخاري ، و مسلم ، وغيرهما بألفاظ مختلفة ومعان متقاربة.
وفي الموطأ أن آخر ما تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قال:
قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان بأرض العرب .
وقيل:
كانت عامة وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- حين حضرته الوفاة:
الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
رواه النسائي ، و البيهقي ، و أحمد .
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
كنا نتحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يموت حتى يخيَّر بين الدنيا والآخرة قالت:
فلما كان مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي مات فيه، عرضت له بحة، فسمعته يقول:
مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
فظننا أنه كان يُخيَّر .
رواه البيهقي .
قال ابن كثير في البداية:
وأخرجاه من حديث شعبة .
وعنها -رضي الله عنها- قالت:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو صحيح:
إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير.
قالت:
فلما نزل برسول الله -صلى عليه وسلم- ورأسه على فخذي، غشي عليه ساعة، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت وقال:
اللهم الرفيق الأعلى.
فعرفت أنه الحديث الذي كان حدثناه وهو صحيح، وهو:
أنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير.
قالت:
فقلت إذاً لا يختارنا .
وقالت:
كانت تلك الكلمة الأخيرة التي تكلم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
الرفيق الأعلى .
قال ابن كثير في البداية:
أخرجاه من طريق الزهري عن عائشة .
وروى النسائي عن عائشة قالت:
أغمي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجعلت أمسح وجهه وأدعو له بالشفاء، فقال:
لا.
بل الرفيق الأعلى .
وروى الإمام أحمد عن عائشة قالت:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
ما من نبي إلا تقبض نفسه ثم ترد إليه، فيخير بين أن ترد إليه وبين أن يلحق.
فكنت أحفظ ذلك منه، وإني لمسندته على صدري، فنظرت إليه حين مالت عنقه فقلت:
قد قضى، فعرفت الذي قال، فنظرت إليه حين ارتفع فنظر، قالت:
إذاً والله لا يختارنا، فقال:
مع الرفيق الأعلى في الجنة، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
قال ابن كثير :
تفرد به أحمد ولم يخرجوه .
والحاصل أن تخييره -صلى الله عليه وسلم- في البقاء في الدنيا ولقاء ربه -سبحانه وتعالى- ثابت بأحاديث كثيرة، منها ما هو في الصحيحين، ومنها ما هو في غيرهما بألفاظ مختلفة.
وأما اللفظ الذي ذكره السائل الكريم فلم نقف عليه.
والله أعلم.