قراءة لمدة 1 دقيقة نسمع كثيرًا -وخاصة في الخطب-: (من يهده الله عز وجل، فهو المهتدي، ومن يضلل، فلن تجد له وليًّا مرشدًا)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين ما تسمعه في الخطب:
(من يهده الله، فهو المهتدي، ومن يضلل، فلن تجد له وليًّا مرشدًا)، وبين ما ذكرته من وجود الدعاة إلى الله تعالى؛
إذ الهداية على نوعين:
النوع الأول:
هداية توفيق وإلهام، وهذه لا يقدر عليها إلا الله تعالى، فقد نفاها عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأثبتها لنفسه، قال تعالى:
إنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص :
56}، ومن لم يمن عليه الله بهذه الهداية، فلن يستطيع هدايته ملايين الدعاة، ولا أي مخلوق من مخلوقات الله تعالى، كما قال تعالى:
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ {الأعراف:
186}، وقال:
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ {الشورى:
44}، وقال:
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا {الكهف:
17}، وهذه هي التي تسمعها في ديباجة الخطب.
الثاني:
هداية إرشاد وبيان، وهذا النوع ليس خاصًّا بالله تعالى، فقد وصف به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {الشورى:
52}، ووصف به الأنبياء، وأتباعهم من العلماء والدعاة في قوله تعالى:
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ {السجدة :
24}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ل علي -رضي الله عنه-:
فوالله، لأن يهدي الله بك رجلًا خيرًا لك من أن يكون لك حمر النعم .
رواه البخاري، و مسلم .
فالحاصل؛
أنه لا تعارض بين ما تسمعه في الخطب، وبين وجود الكثير من الدعاة الذين يدعون إلى الله تعالى، فمن كتب الله له هداية التوفيق والإلهام، فإنه -بحول الله تعالى- سيستفيد من أولئك الدعاة، وينتفع بدعوتهم؛
ومن لم يكتب الله له هداية التوفيق، فلن ينفعه أيُّ مخلوق.
والله أعلم.