قراءة لمدة 1 دقيقة هل تقبل شهادة قاذف المحصنات بعد القصاص إن تاب؟.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن قذف المحصنات من أكبر الكبائر، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟
قال :
الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .
متفق عليه.
ومع هذا، فإن قاذف المحصنات إذا تاب فتوبته مقبولة وشهادته مقبولة إذا توفر فيه باقي شروط قبول الشهادة، جاء في الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر:
قال مالك:
الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يجلد الحد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك، وذلك لقول الله تبارك وتعالى:
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ـ وذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق إلى أن شهادة القاذف لا تقبل أبدا تاب أو لم يتب واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى:
ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ـ وسبب اختلافهم:
الاستثناء في قوله تعالى:
إلا الذين تابوا ـ هل هو عامل في رد الشهادة أم لا؟
قال الطبري في التفسير:
اختلف أهل التأويل في الذي استثنى منه قوله:
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ـ فقال بعضهم:
استثنى من قوله:
ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ـ وقالوا:
إذا تاب القاذف قبلت شهادته، وزال عنه اسم الفسق، حد فيه أو لم يحد، قال عمر لأبي بكرة:
إن تبت قبلت شهادتك، وهذا مذهب الجمهور، وقال آخرون:
الاستثناء في ذلك قوله:
وأولئك هم الفاسقون ـ وأما قوله:
ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ـ فقد وصل بالأبد ولا يجوز قبوها أبدا .
وهذا مذهب أبي حنيفة ومن وافقه.
وقيل لا تقبل شهادته فيما حد فيه ـ قذفا كان أو غيره ـ لأنه يتهم فيه، وتقبل فيما سوى ذلك، والصحيح أنها تقبل في كل شيء ما دام قد تاب وحسن حاله، وهو قول الجمهور، كما قال ابن عبد البر .
والله أعلم.