قراءة لمدة 1 دقيقة هل لمن قسى قلبه أو ران على قلبه أو لمن ختم الله على قلبه من توبة ؟ أم أن الله لا يوفقه إلى التوبة؟ و

هل لمن قسى قلبه أو ران على قلبه أو لمن ختم الله على قلبه من توبة ؟ أم أن الله لا يوفقه إلى التوبة؟ و

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
‏ فإن قبول الله للتوبة وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهراً أو باطناً لا خلاف فيه، فإن الله تعالى لم ‏يسد باب التوبة عن أحد من خلقه، ولو كافراً تاب من كفره وأسلم أو منافقاً تاب من ‏نفاقه.
قال تعالى في شأن المنافقين ( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا ‏دينهم لله فأولئك مع المؤمنين ) [النساء:
146]‏ والتوبة تأتي على كل ذنب بالغاً ما بلغ، قال تعالى:
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على ‏أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور ‏الرحيم).
[الزمر:
53]‏ وبالجملة فليست هناك معصية إلا ويقبل الله التوبة منها بفضله وإحسانه، كما وعد في ‏كتابه المجيد بقوله:
( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن ‏السيئات).
[الشورى:
25]‏ وأما الأسباب المؤدية إلى الختم على القلب والطبع عليه فهي كل ما لا يرضي الله تعالى من ‏الخطايا والمعاصي، لحديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« إن العبد ‏إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قبله، وإن ‏زيد عاد فيها حتى تعلوا قلبه، وهو الران الذي ذكر الله:
( كلا بل ران على قلوبهم ما ‏كانوا يكسبون) »رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.
‏ وأما علامات الختم على القلب فهي عدم استجابة الأوامر لله سبحانه وتعالى، فالقلب ‏المختوم عليه هو الذي لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره ونهيه، بل هو دائر مع شهوات ‏صاحبه ولذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه وقد ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان أن ‏أنواع القلوب ثلاثة:
‏ قلب سليم:
وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، قال تعالى:
( يوم لا ينفع ‏مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم ).
[الشعراء:
88-89]‏ والقلب السليم هو الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة ‏تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم.
وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك ‏بوجه ما بل قد خلصت عبادته لله:
إرادة وتوكلاً ومحبة وإنابة وإخباتا وخشية ورجاء.
‏ ‏(وقلب ميت) وهو المتعبد لغير الله حباً وخوفاً ورجاء ورضاً وسخطاً:
إن أبغض أبغض ‏لهواه، وإن أحب أحب لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه.
فالهوى إمامه، ‏والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه.
‏ ‏(وقلب مريض) وهو الذي له حياة وبه علة، فله مادتان:
تمده هذه مرة، وهذه مرة أخرى، ‏وهو لما غلب عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به ما هو مادة حياته، وفيه من ‏محبة الشهوات والحرص على تحصيلها ما هو مادة هلاكه وعطبه.
وأهم علاج للقلوب ‏قراءة القرآن، فإنه شفاء لما في الصدور من الشك، ويزيل ما فيها من الشرك ودنس الكفر ‏وأمراض الشبهات والشهوات، وهو هدى لمن علم بالحق وعمل به، ورحمة لما يحصل به ‏للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل:
( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به ‏في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها).
[الأنعام:
122]‏ والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا