قراءة لمدة 1 دقيقة هل يجوز القول بأن الفعل المبني للمجهول 'أُعِدَتْ' في الآية رقم: 131 من سورة آل عمران بُنِي لمفعوله ل

هل يجوز القول بأن الفعل المبني للمجهول 'أُعِدَتْ' في الآية رقم: 131 من سورة آل عمران بُنِي لمفعوله ل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على كلام للمفسرين في نكتة بناء الفعل «أُعدت» للمفعول في قوله تعالى:
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {آل عمران:
131}، ونظائره في القرآن الكريم.
وعلى كل حال:
فإن العلماء يتكلمون عن الأغراض البلاغية، والأسباب البيانية لحذف الفاعل عموما، قال الزركشي في كتابه:
البرهان في علوم القرآن:
أما حذفه وإقامة المفعول مقامه مع بناء الفعل للمفعول فله أسباب :
منها:
العلم به، كقوله تعالى:
{خلق الإنسان من عجل} .
{وخلق الإنسان ضعيفا} ونحن نعلم أن الله خالقه .
قال ابن جني:
وضابطه أن يكون الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الفعل بالمفعول، ولا غرض في إبانة الفاعل من هو .
ومنها:
تعظيمه كقوله:
{قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} إذ كان الذي قضاه عظيم القدر .
وقوله:
{وغيض الماء وقضي الأمر} .
وقوله:
{والذين يؤمنون بما أنزل إليك} قال الزمخشري في كشافه القديم:
هذا أدل على كبرياء المنزل وجلالة شأنه من القراءة الشاذة [أنزل] مبنيا للفاعل كما تقول:
الملك أمر بكذا ورسم بكذا وخاصة إذا كان الفعل فعلا لا يقدر عليه إلا الله؛
كقوله:
{وقضي الأمر} قال:
كان طي ذكر الفاعل كالواجب لأمرين :
أحدهما:
أنه إن تعين الفاعل وعلم أن الفعل مما لا يتولاه إلا هو وحده كان ذكره فضلا ولغوا .
والثاني:
الإيذان بأنه منه غير مشارك ولا مدافع عن الاستئثار به والتفرد بإيجاده.
وأيضا فما في ذلك من مصير أن اسمه جدير بأن يصان ويرتفع به عن الابتذال والامتهان، وعن الحسن:
لولا أني مأذون لي في ذكر اسمه لربأت به عن مسلك الطعام والشراب .
ومنها:
مناسبة الفواصل، نحو:
{وما لأحد عنده من نعمة تجزى} ولم يقل يجزيها .
ومنها:
مناسبة ما تقدمه، كقوله في سورة براءة:
{رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} ، لأن قبلها:
{وإذا أنزلت سورة} على بناء الفعل للمفعول فجاء قوله:
{وطبع} ليناسب بالختام المطلع بخلاف قوله فيما بعدها:
{وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون} فإنه لم يقع قبلها ما يقتضي البناء فجاءت على الأصل .
اهـ.
ومن هنا فيمكن أن يقال:
إن الفعل «أعدت» بني للمفعول لتعظيم الفاعل وهو الله -جل وعز-، وللعلم به، وأنه لا يقوم بهذا الفعل سواه سبحانه، وإعلاما بأنه تعالى متفرد بإعداد النار لا شريك له في ذلك.
وأما قولك:
(بني لمفعوله لنقل الصورة الغيبية للنار المجهولة لدى الإنسان، والتي لا تدركها حواسه):
فلا يظهر لنا وجهه.
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا