قراءة لمدة 1 دقيقة هل يجوز دعاء الله -عز وجل- بقول: يا ربنا، يا عظيمنا؟

هل يجوز دعاء الله -عز وجل- بقول: يا ربنا، يا عظيمنا؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أنه يسوغ الدعاء بـ:
يا عظيم؛
لأن العظيم اسم من أسماء الله تعالى، وقد قال تعالى:
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:
180}.
وقال سبحانه:
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى {الإسراء:
110}.
وأما إضافته لضمير المتكلمين -عظيمنا؛
فلا نرى أنه يسوغ؛
لأن الإضافة قيدت العظمة، أو خصصتها بالمتكلمين، فضيَّقتها، وحقُّها التعميم، والإطلاق، فالله تعالى هو العظيم مطلقا، وليس للإضافة هنا معنى مفيد، بخلاف الإضافة في:
ربنا - فهي تفيد تشريف الداعي، واختصاصه بالقرب من ربه، والاعتراف له بالعبودية، كما قال الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير:
تعبيرهم في دعائهم بوصف ‌-ربنا- دون اسم الجلالة؛
لما في وصف الربوبية من الدلالة على الشفقة بالمربوب، ومحبة الخير له، ومن الاعتراف بأنهم عبيده، ولتتأتى ‌الإضافة المفيدة التشريف والقرب .
اهـ.
وقال أبو السعود في إرشاد العقل السليم:
في التعرض لعنوان الربوبية المنبئةِ عن التبليغ إلى الكمال، مع ‌الإضافة إلى ضميرهم، من ‌تشريفهم، وإظهار اللطف بهم ما لا يخفى.
اهـ.
ويتضح الفرق بين الإضافة في:
ربنا - وبينها في:
عظيمنا- بإظهار المضمر، أو التصريح بالمتكلم، فتقول في يا ربنا:
يا رب الناس، أو يا رب الدَّاعِين، مثلا، وهذا مقبول سائغ المعنى.
وتقول في -يا عظيمنا:
يا عظيم الناس، أو يا عظيم الداعين، مثلا، وفي هذا إيهام وإشكال واضح.
وإذا جعلنا هذا هو الضابط، ساغ أن نقول:
يا خالقنا، يا مولانا، يا رازقنا، يا مالكنا- ونحو ذلك؛
لصحة معناه عند التصريح بالمتكلم، ولم يسغ أن نقول:
يا عزيزنا، يا كريمنا، يا عليمنا- ونحو ذلك؛
لإيهامه، وإشكاله عند التصريح بالمتكلم.
والأفضل على أية حال، هو التزام طريقة الأنبياء، وأدعية القرآن والسنة، ففيها الغُنية والعصمة، وقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء:
عن ابن وهب قال:
سئل مالك بن أنس عن الرجل يدعو يقول:
‌يا ‌سيدي؟
فقال:
يعجبني أن يدعو بدعاء ‌الأنبياء؛
‌ربنا، ‌ربنا .
اهـ.
وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد :
أن الإمام مالكا -رحمه الله- سئل عن الذي يقول في دعائه:
‌يا ‌سيدي، فكرهه، وقال:
أحب إلي أن يدعو بما في القرآن، وبما دعت به الأنبياء:
يا رب .
اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة:
قد كره مالك، وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة، وغيرهما أن يقول الداعي:
‌يا ‌سيدي، ‌يا ‌سيدي، وقالوا:
قل كما قالت ‌الأنبياء:
رب، رب .
اهـ.
والله أعلم.

مشاركة

مقترحات التعديلات

من خلال إرسال مقترحك، فإنك توافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية لدينا