قراءة لمدة 1 دقيقة هل يصح قول عمر لأبي هريرة رضي الله عنهما: يا عدو الله ورسوله سرقت مال الله ـ فقال أبو هريرة: لست عدو

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأثر المذكور قد أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:
قال لي عمر:
يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله!
قال:
قلت:
لست عدو الله، ولا عدو الإسلام، ولكني عدو من عاداهما، ولم أخن مال الله، ولكنها أثمان إبلي، وسهام اجتمعت، قال:
فأعادها علي، وأعدت عليه هذا الكلام، قال:
فغرمني اثني عشر ألفا، قال:
فقمت في صلاة الغداة، فقلت:
اللهم اغفر لأمير المؤمنين، فلما كان بعد ذلك أرادني على العمل، فأبيت عليه، فقال:
ولم وقد سأل يوسف العمل وكان خيرا منك؟
فقلت:
إن يوسف نبي، ابن نبي، ابن نبي، ابن نبي، وأنا ابن أميمة، وأنا أخاف ثلاثا واثنتين قال:
أوَلا تقول خمسا؟
قلت:
لا، قال:
فما هن؟
قلت:
أخاف أن أقول بغير علم، وأن أفتي بغير علم، وأن يضرب ظهري، وأن يشتم عرضي، وأن يؤخذ مالي بالضرب.
والأثر إسناده صحيح، قال الحاكم :
هذا حديث بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
اهـ.
وقال الذهبي :
على شرط البخاري ومسلم .
اهـ.
وليس في هذا الأثر ما يُفرح أهل البدع الطاعنين في الصحابة، فإن قول عمر رضي الله عنه:
يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله ـ هي مما يجري على اللسان حال الغضب ولا يقصد به حقيقته، وأهل السنة لا يدَّعون العصمة للصحابة.
ولو كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى أبا هريرة رضي الله عنه عدوا لله ـ وحاشاه من ذلك ـ لما أراد أن يؤمره مرة أخرى، كما في هذا الأثر نفسه.
وفي هذا الأثر من الدلالة على مناقب هذين الصحابيين الجليلين ما يجعله شجى في حلوق أهل الأهواء، فمن ذلك:
ورع أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وزهده في تقلد المناصب وتجافيه عنها، وفيه:
طيب نفسه ـ رضي الله عنه ـ وصفاء قلبه، فقد دعا لعمر رضي الله عنه وقد وبخه وأخذ من ماله!
وفيه أيضا:
حرص أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ على المال العام، ومحاسبته للولاة، وعدم محاباتاه فيما يظن أنه حق، وفيه:
رجوع أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى الحق بطلبه من أبي هريرة رضي الله عنه أن يعمل له مرة أخرى.
والله أعلم.