قراءة لمدة 1 دقيقة يقول بعض التابعين: إنا نجد في كتاب الله المنزل أنَّ ابن الزبير فارس الخلفاء، وهو نوف البكالي، فما وج

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالأثر المذكور عن نوف البكالي ـ وهو مستور من كبار التابعين ـ رواه عنه ابن سعد في الطبقات وغيرُه, وذكره الذهبي في السير وتاريخ الإسلام، وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهما, قال ابن كثير في البداية والنهاية:
وقال محمد بن سعد:
أنبأ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أبو عمران الجوني:
أن نوفا كَانَ يَقُولُ:
إِنِّي لَأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الْخُلَفَاءِ.
اهــ.
والذي يظهر لنا أنه لم يعن بقوله:
كتاب الله المنزل ـ القرآن، بل أحد الكتب السابقة، لأن نوفا كان من العلماء العارفين بها المكثرين من النقل عنها, فهو ابن امرأة كعب الأحبار، وقد قال عنه الحافظ في الفتح:
تَابِعِيّ مِنْ أَهْل دِمَشْق فَاضِل عَالِم لَا سِيَّمَا بِالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَكَانَ اِبْن اِمْرَأَة كَعْب الْأَحْبَار..
.
اهــ.
وقد كان يستعمل هذا اللفظ:
لأجد في كتاب الله ـ ويعني به الكتب السابقة وليس القرآن، ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسيره، حيث قال:
..
..
عَنْ نَوْف ـ وَهُوَ الْبِكَالِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ـ قَالَ:
إِنِّي لَأَجِدُ صِفَةَ نَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ:
قَوم يَحْتَالُونَ عَلَى الدُّنْيَا بِالدِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمَرّ مِنَ الصّبرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسوك الضَّأْنِ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
فَعَليَّ يَجْتَرِئُونَ!
وَبِي يغتَرون!
حَلَفْتُ بِنَفْسِي لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، قَالَ الْقُرَظِيُّ:
تَدَبَّرْتُهَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا هُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَوَجَدْتُهَا:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ـ الْآيَةَ .
اهـ.
فظهر بهذا أنه يعني الكتب السابقة وليس القرآن.
والله أعلم.