قراءة لمدة 1 دقيقة سياقية

بالعربية :
سياقيةتعتبر "السياقية" مفهومًا أساسيًا في تحليلات الخطاب والتواصل، حيث تشير إلى "عملية وضع خطاب ما في سياقه العام الذي أُنتج فيه". وتعني السياقية أن الخطاب، سواء كان نصًا شموليًا أو مناقشة شفوية، لا يمكن فهمه بشكل صحيح إلا من خلال النظر إلى الظروف التاريخية والثقافية والاجتماعية التي أُنتج فيها.
على سبيل المثال، يمكن فهم مقالة مكتوبة في القرن الثامن عشر حول الحقوق الإنسانية بشكل مختلف تمامًا إذا نظرنا إليها في سياق عصر التنوير. إذ كان لهذا العصر تأثير كبير على التفكير الفلسفي حول الفرد والمجتمع، مما يجعل التصريحات الواردة فيها تعكس الأفكار السائدة في ذلك الزمن.
تشمل السياقية أيضًا تحليل العوامل مثل جمهور المتلقين، ونية الكاتب، ومكان الخطاب، وكيفية تأثير هذه العوامل على المعنى الناتج. فمثلاً، عند تحليل خطاب سياسي، يجب أن نأخذ في اعتبارنا الموقف السياسي الذي تتحدث عنه، وكذلك البيانات التاريخية التي سبقت هذا الخطاب.
في علم النفس الاجتماعي، يرتبط مفهوم السياقية ارتباطًا وثيقًا بسلوك الأفراد حيث أن الأفعال يمكن أن تتغير بشكل كبير حسب السياق الاجتماعي. تذكرنا الدراسات بأن الأشخاص قد يتصرفون بطرق مختلفة في بيئات مختلفة، مما يعكس كيف تؤثر العوامل السياقية على سلوك الإنسان.
كما أن السياقية تلعب دورًا حيويًا في فهم النصوص الأدبية. يمكن لتفسير قصة أو قصيدة أن يتغير بناءً على معرفة القارئ بالسياقات الثقافية والاجتماعية التي تعيش فيها الشخصيات. على سبيل المثال، قراءة رواية تتناول قضايا الطبقات الاجتماعية في فترة معينة قد تؤدي إلى استنتاجات مختلفة بناءً على وعي القارئ بالتاريخ.
إن أهمية السياقية لا تقتصر فقط على الأدب أو الخطابة، بل تمتد أيضًا إلى مجالات مثل الفلسفة، وعلم الاجتماع، والدراسات الثقافية. من خلال وضع الخطابات في سياقها، يمكن للباحثين أن يفهموا كيف تتفاعل الأفكار وتتطور عبر الزمن، وكيف تؤثر سياقات محددة على إنتاج المعنى.
باختصار، فإن "السياقية" تشير إلى فهم النصوص والخطابات ضمن الأوضاع والظروف التي نشأت فيها، مما يسلط الضوء على العمق والتعقيد الموجود في التفاعل البشري والتواصل.