قراءة لمدة 1 دقيقة ضرورية

بالعربية :
ضروريةالمصطلح "ضرورية" يعتبر من المصطلحات الأساسية في علم اللغة وعلم الدلالة. يشير هذا المصطلح إلى العلاقة القوية والجبرية بين الدال (الرمز اللغوي) والمدلول (المعنى). على عكس ما أشار إليه اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير، الذي اعتبر العلاقة بين الدال والمدلول بأنها علاقة اعتباطية، يطرح عالم اللغة الأمريكي تشارلز ساندرس بيرس وجهة نظر مغايرة تركز على العنصر الضروري في هذه العلاقة.
في السياق اللغوي، يمكن تعريف "الدال" بأنه الكلمة أو الرمز الذي يستخدم للإشارة إلى شيء ما، في حين يمثل "المدلول" المفهوم أو الفكرة التي يتم الإشارة إليها. في حين يظهر مفهوم الدلالة كعنصر اعتباطي في نظرية سوسير، يراها بنفنيست كمفهوم ضروري، حيث يؤكد على دور الظواهر اللغوية المختلفة مثل القواعد النحوية، واللهجات، والإشارات السياقية كعوامل تؤثر في شكل الدال والمدلول.
لنفترض أننا نتحدث عن كلمة "شجرة". في هذا السياق، "شجرة" هي الدال، بينما المدلول هو الكائن ذاته، أي "الشجرة" كما نراها في الطبيعة. وفقًا للاعتبارات الاعتباطية، يمكن أن تكون هناك ألفاظ متعددة تدل على نفس المعنى، لكن على النقيض من ذلك، يرى بنفنيست أن الاتصال بين الدال والمدلول يعكس ارتباطًا ضروريًا، إذ أنه لا يمكننا تصور شجرة دون التفكير في خصائصها أو دلالاتها. هذا يعني أن لكل دال خصائص معينة تجعله ملائمًا تمامًا للدلالة على مدلوله.
ومن الأمثلة الأخرى على هذا المفهوم "الحب". كلمة "حب" هي دال، والمدلول هو الشعور أو التجربة العاطفية المعقدة التي لا يمكن اختصارها في كلمات أخرى دون فقدان بعض جوانبها الأساسية. هذه الجوانب تتطلب وجود دال محدد يعكس عمق التجربة.
أهمية هذا المفهوم تتجلى في عدة مجالات، منها الأدب والفن، حيث يستخدم الكتاب والفنانون هذا الفهم لتعزيز رسالتهم وتوصيل أفكارهم بطريقة تعكس العمق الدلالي للألفاظ. بمعنى آخر، يساعد تجاوز الإطار الاعتباطي في فهم النوايا والمعاني التي يحاول المؤلف أو الفنان التعبيّر عنها.
في الختام، يمكن التأكيد على أن مفهوم "الضرورية" يقدم لنا طريقة لفهم كيفية تفاعل الدوال والمدلولات في اللغة، وما يرتبط بها من حالات نفسية وثقافية. ويعكس هذا الفهم مدى تعقيد العلاقات اللغوية ودورها في التواصل الفعّال.