قراءة لمدة 1 دقيقة مذهب برناسيّ
بالعربية :
مذهب برناسيّمذهب برناسيّ هو تيار شعري نشأ في فرنسا خلال منتصف القرن التاسع عشر، ويعتبر بمثابة جسراً بين الرومانسية والرمزية. طوّر هذا المذهب من خلال عدد من الشعراء الذين سعوا إلى تحقيق مستوى عالٍ من الإتقان الشكلي والتنظيم الفكري، حيث اعتبروا أن الفن يجب أن يكون بعيدًا عن أي اعتبارات اجتماعية أو سياسية. دعمت هذه الممارسة مبدأ "الفن للفن"، مما يعني أن الفن يجب أن يُقدّر لذاته وليس لأغراض أخرى.
تأسست حركة البرناسية على مجموعة من الشعراء الذين كانوا يفضلون الشكل والتنظيم في العمل الشعري. من أبرزهم تيودور دو بانييه (Théodore de Banville) وشارل غودو (Charles Leconte de Lisle) وهو أحد أبرز ممثلي المذهب. اعتمد هؤلاء الشعراء على إتقان اللغة والموسيقى الشعرية، وأنشأوا عملًا شعريًا يتميز بالدقة والنعومة، مع التركيز على الموضوعات التقليدية مثل الطبيعة والجمال.
لقد كان لمذهب برناسيّ تأثير على الشعر الحديث، وخاصة الشعر الرومانسي، حيث ساهم شعراؤه في تطوير فكرة جمالية جديدة كانت تدعو إلى التحليل النقدي للأعمال الأدبية مع التركيز على العناصر الزخرفية. على سبيل المثال، في قصائد شارل غودو، نجد استخدامًا مكثفًا للصور البلاغية والتراكيب المعقدة، مما يبرز الجوانب الجمالية والفنية في الشعر.
الشعراء البرناسيون، وبدلاً من التركيز على العواطف كما فعل الرومانسيون، كانوا يؤمنون بأن العمل الأدبي يجب أن يكون محكومًا بالمنطق والترتيب. ومن هنا، ينشأ تباين كبير بينهم وبين الحركات الأدبية السابقة، حيث كانت تروج لمشاعر متأججة وثائرة. يمثل هذا التحول في التفكير الأدبي انعكاسًا للتوجه العام نحو الدقة والفن الخالص.
تجدر الإشارة إلى أن مذهب برناسيّ لم يتوقف عند حدود الشعر الفرنسي، بل أثر أيضًا على العديد من الشعراء والكتاب في أماكن أخرى من العالم، حيث أصبح نموذجًا يحتذى به في السعي نحو الأسلوب الإبداعي العالي في الأدب. وعليه، فإن الدروس المستفادة من هذا المذهب لا تزال ذات أهمية للكتاب والشعراء حتى اليوم.