قراءة لمدة 1 دقيقة وثاقة نقل النص القرآني من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته(ص 111, 115)

- 111 -
- 110 -
وألفاظها وأشعارها وأيامها ، ومارأيت أقرأ من يعقوب» (۱) وعبارة ابن الجزري عن هذا الخبر:
«هو أعلم من رأيت بالحروف والاختلاف في القراءات وعلله ومذاهبه، ومذاهب النحو، وأروى الناس لحروف
القرآن».
(ب) قال ابن غلبون (إمام) جليل في القراءات.
(ت ٣٩٩هـ) «كان يعقوب إمام أهل البصرة في القرآن بعد أبي عمرو بن العلاء (۲).
وقال الحافظ أبو عمرو الداني (ت ٤٤٤هـ ) « وانتم بيعقوب فـــي اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو فهم أو أكثرهم على مذهبه» وقال محمد بن محمد بن عبد الله الأصبهانی ( ) وعلى قراءة يعــقـــوب إلى هذا الوقت أئمة المسجد الجامع بالبصرة.
وكذلك أدركناهم وعبارة ابن الجزري كان إماماً كبيراً ثقة عالماً صالحاً.
دينا .
انتهت إليه القراءة بعد أبي عمرو.
وكان إمام جامع البصرة
سنين ) (۳)
عبد
بن
الله عامر (۱۸(هـ):
(أ) قال خال بن يزيد (أحد) من قرأ على ابن عامر ت ١٦٦هـ) «كانوا
.
يسمون عبد الله بن عامر «الإمام» لعلمه بقراءة القرآن، وقيامه بها ، وبحثه عنها » (٤) .
وكان ابن عامر قد قرأ على الصحابي أبي الدرداء في جامع دمشق، وصار أحد العرفاء على بعض طلابه الذين بلغوا
(1) كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون (تحـد .
عبد الفتاح بحيرى) ۱۸۲/۱ (۲) «التذكرة» لابن غلبون ۸۲/۱ بتصرف في الترتيب، وأنظر أيضاً فيه ٤٣/١ .
(۳) النشر لابن الجزرى ١٨٦/١
(٤) «جمال القراء ٤٥٧/٢ .
۱۱۲
ألفاً وستمائة، فلما توفى أبو الدرداء (سنة ٣٢هـ) «خلفه ابن عامر وقام مقامه مكانه وقرأ عليه جميعهم، فاتخذه أهل الشام إماماً، ورجعوا إلى قراءته » (۱) وقال ابن مجاهد (٣٢٤هـ) وعلى قراءته أهل الشام وبلاد الجزيرة إلا نفراً من أهل مصر ينتحلون قراءة نافع».
(ب) قال عنه أبو عبيد « هو إمام أهل دمشق في دهره، وإليه صارت قراءتهم» (۲).
والغالب على أهل الشام قراءة ابن عامر » (۳) ومما نقله ابن الجزري:
« ولازال أهل الشام قاطبة على قراءة ابن عامر تلاوة وصلاة، وتلقيناً إلى قريب الخمس مئة أى سنة ٥٠٠ هـ) (٤) وقال أبو على الأهوازي أحد شيوخ قراء عصره.
ت٤٤٦هـ) «كان عبد الله بن عامر إماماً عالماً ثقة في ما أتاه حافظاً لما رواه، متقناً لما وعاه..
لم يتعد في ما ذهب إليه الأثر » (٥) وعد أبو على هذا ممن قرأ على ابن عامر ستة وأربعين إماماً في القراءة.
(٦)
1 - خلف بن هشام البزار (ت ٢٢٩هـ)
(أ) أما عن روايته فإنه تلقى قراءة حمزة تلقياً وثيقاً (۷) وقال ابن الجزري تتبعت اختیاره فلم أره يخرج عن قراءة الكوفيين (أى عاصم وحمزة
(۱)
نفسه ٤٥٤/٢ ، وينظر أيضاً في ٤٣١/٢ - ٤٣٢
(۲) ينظر جمال القراء ٤٣١/٢ وهو عن كتاب القراءات لأبي عبيد .
(۳) «السبعة » ۸۷ .
(٤) «غاية النهاية ٤٢٤/١ .
(٥) نفسه ٤٢٥/١ .
(٦) ينظر «جمال القراء» ٤٥٧/٢ .
(۷) ينظر غاية الاختصاره ٦٧/١ - ٦٨
١١٣
والكسائي) في حرف واحد، بل ولاعن حمزة والكسائي وأبي بكر (شعبة بن عياش راوى عاصم ت (۱۹۳هـ إلا في حرف واحد.
وهو قوله تعالى فى الأنبياء وحَرَامُ عَلَى قَرية قرأها كحفص والجماعة بألف..
(۱)
(ب) وأما عن إقرائه الناس فقد قال عن نفسه «حفظت القرآن وأنا ابن عشر سنين، وأقرأت الناس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة» (٢).
وقال ابن
الجزري « وكان إماماً كبيراً عالماً ثقة، زاهداً عابدا (۳ ) .
(إجماع ) علماء الأمة - على تزكية قراءات الأئمة العشرة :
هكذا تبين لنا في النبذ التي أوردناها عن القراء العشرة أن أهليتهم وجدارتهم للإمامة في القراءات ظهرت في حياتهم وبين معاصريهم من القراء، وأن أولئك القراء المعاصرين لهم أقروا لهم بالإمامة لصحة روايتهم وإحكامهم القراءة واجتماع الناس عليهم.
وعلى ذلك كله فإن نصبهم للإمامة كان بتزكية من أهل الاختصاص والخبرة والدراية في أزمانهم وأمصارهم.
فإمامتهم بالغة الأصالة والكفاية العلميتين .
وإذا كانت كثرة القراء المجيدين في الأمصار الخمسة المذكورة تجعل من الطبيعي أن يختلف علماء القراءات في العصور التالية في اختيار عدد محدود من بينهم لنصبه للإمامة ضبطاً للأمر - كما أسلفنا ، فإن تزكية هؤلاء العلماء لأولئك القراء العشرة تخصيصاً عند إفرادهم، أو لبعضهم عند ا الاقتصار أو الاستكثار = يتيح لنا أن نقول بلا كبير تجاوز إن الأمة ممثلة في علماء القراءات قد أجمعت على نصب أئمة القراءات العشر أولئك.
(1) ينظر «النشر» ٤٥/١ و ١٩١ (۲) ينظر «غاية الاختصار ٦٧/١ (۳) ينظر النشر» ١٩١/١ .
١١٤
فأول العلماء الذين رشحوا وزكوا أئمة القراءات هو أبو عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤هـ) وذلك في مؤلفه في «القراءات» (۱) الذي تتبع فيه أهل القرآن من لدن مولانا رسول الله إلى نهاية القرن الثاني، (۲) ، وبعد أن ذكر من عرف بأنه من أهل القرآن من الصحـابـة مـهـاجـريـهـم وأنصارهم - رضى الله عن الجميع، ذكر أهل القرآن من التابعين في الأمصار الإسلامية الخمسة المدينة، ومكة، والكوفة والبصرة، والشام، ثم ذكر من كل مصر ثلاثة تجردوا للقراءة - بعد التابعين - حتى صاروا أئمة فيها.
فذكر من المدينة أبا جعفر، وشيبة بن نصاح ونافعاً.
ثم نوه بتقدم أبي جعفر وبدئه الإقراء قبل وقعة الحرة سنة ٦٣هـ و أن شيبة تلاه ، ثم ثلثهما نافع الذي صارت إليه قراءة أهل المدينة وبها تمسكوا إلى اليوم» أي إلى زمن تأليف أبي عبيد كتابه في «القراءات».
ثم ذكر ثلاثة أهل مكة:
ابن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن ، ثم نوه بتقدم ابن كثير وأنه «إليه» صارت قراءة أهل
مكة».
ثم ذكر ثلاثة أهل الكوفة يحيى بن وثاب وعاصم بن أبي
النجود ، والأعمش، ونوه بإمامتهم، وبخاصة الأعمش، ثم بأن حمزة تلاهم وصار عظم أهل الكوفة إلى قراءته، وأن سليم بن عيسى اتبع قراءته (ونحن نعلم أن خلف بن هشام - ت -۲۲۹هـ تلقى قراءة حمزة عن طريق سليم هذا حتى صار إماماً فيها، في حين اتبع أبو بكر بن عياش قراءة عاصم، وأن الكسائي أخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضاً .
(1) لم يصل إلينا هذا الكتاب في حدود علمى، وإنما ننقل عما نقل منه (٢) ينظر جمال القراء» للسخاوى ٤٢٤/٢ - ٤٣٢ .
ثم ذكر ثلاثة البصرة:
عبد الله بن أبي إسحاق، وأبا عمرو بن
العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي.
ثم انتهى إلى أن أهل البصرة صاروا إلى
أبي
عمرو بن العلاء فاتخذوه إماماً .
وأخيراً ذكر قراء الشام عبد الله بن عامر، ويحيى بن الحارث
الذماري ، وثالثاً اختلف في اسمه، ثم انتهى إلى أن أهل الشام أطبقوا على إمامة ابن عامر.
(١) .
ومن هذا العرض لتأريخ أبي عبيد لنصب الأئمة يتبين أنه نوه بإمامة الأئمة أبي جعفر ونافع في المدينة ثم خص نافعاً، وكذلك خص عبد الله بن كثير في مكة، ثم من أهل الكوفة خص عاصماً والأعمش ثم حمزة والكسائي، لكنه تبه إلى صيرورة أهل الكوفة إلى إمامة حمزة وأن عاصماً قاسمه، وأن الكسائي اختار من قراءة حمزة وغيره، كما نوه بإمامة أبي عمرو لأهل البصرة، وإمامة ابن عامر لأهل الشام - أي أنه ذكر ثمانية من العشرة المعينين
ومن الضرورى أن نوضح أن أبا عبيد لم ينبه على خلافة يعقوب لأبي عمرو في إمامة القراءة بالبصرة - ربما لأن يعقوب تأخر في حياة أبي عبيد، إذ إن يعقوب توفى ٢٠٥هـ - مع أن أبا عبيد قضى السنوات الأخيرة من حياته في مكة على الراجح أو المدينة بعيداً عن البصرة، فلم يتبين عن قرب إمامة يعقوب بعد أبي عمرو، وربما يكون ألف كتابه القراءات قبل بروز إمامة يعقوب.
أما عدم ذكره خلفاً فلأن خلفاً تأخر عنه إذ توفى سنة ٢٢٩هـ وفي بغداد لا في أحد الأمصار الخمسة.
والسببان
الثاني والثالث في عدم ذكره يعقوب واردان هنا أيضاً
(1) انظر المرجع السابق .